الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد إصابة أخي بالتسمم ظهرت عليه أعراض عديدة، فهل سينجو مما هو فيه؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ حوالي 4 أيام وأنا أحاول عدة مرات عند إرسال سؤالي للدكتور محمد عبد العليم ولكن دون جدوى.

أخي عمره 26 عاما، متزوج، أصيب بتسمم كحولي وأسعف إلى المستشفى في حالة غيبوبة، وحصلت له عدة جلطات دماغية، أفاق من الغيبوبة بعد 10أيام بأعجوبة، حيث كان المتوقع له أن يموت، ولكنه خرج من المستشفى ويعاني حاليا من التالي:

- عدم القدرة على النطق (يتكلم ولكن بدون صوت).
- شرود متواصل وضعف في التركيز.
- الذاكرة جيدة، ويتعرف علينا وعلى الآخرين جميعا، وحتى سور القرآن القصيرة التي يحفظها يقرؤها من دون المصحف بشكل جيد، ويكتب بشكل واضح أي شيء نمليه عليه، ولكن خطه أصبح أقل وضوحا من قبل.
- تضررت أطرافه السفلية بسبب الجلطة، ولكنه في تحسن مستمر، وأصبح قادرا على الوقوف والسير وبمساندة بسيطة.
- أحيانا يجمع الأكل في فمه ولا يرغب في مضغه وبلعه أولا بأول.
- تحدث له أحيانا نوبات عض بسيطة غير مضرة على شفتيه وأحيانا رعشة فيها.
- نظره تضرر بعض الشيء، أحيانا يرى بوضوح وأحيانا يتشوش نظره.
- لا يزال غير قادر على السيطرة على البول والبراز.
- لا يطلب الأكل والشراب أبدا إلا إذا أعطيناه أو سألناه نحن.
- يعاني من بعض القلق والتفكير الزائد المصحوب بالشرود والرعشة البسيطة في اليد اليمنى.
- يمارس بعض الحركات المتكررة بيده اليمنى كفرك أسنانه أو تحريك شفتيه أو لحيته وشاربه أو المسح على صدره.
- يعاني أحيانا من الكوابيس والهلوسة في النوم (هل بسبب الحرمان من الكحول والتدخين أم بسبب الجلطات).

الطبيب يقول أن التركيز والنطق والشرود سوف تتحسن لديه تدريجيا مع الوقت لانه لا يزال شابا وفي العشرينات من عمره، ولكن لم نلمس منذ شهرين وحتى الآن أي تحسن في هذه الجوانب غير الجانب الحركي فهناك تحسن.

يتناول حاليا الادوية التالية:
Asperin 100, Neurozan, 4BT, Nootropil (Piracetam 800), Epistat (Levetiracetam 500), Frolic Acid, Royal Vitale 1800.

سؤالي لكم دكتور محمد حفظكم الله..

- ما رأيكم في حالة أخي هل سيتحسن الإدراك والنطق لديه والخروج من دائرة الشرود مع الوقت وكم المدة المتوقعة للتحسن الملموس؟

- ما رأيكم بالأدوية التي يتناولها حاليا؟ وهل ترون إضافة أي أدوية أخرى أو توقيف بعضا مما يتناوله؟

- هل هناك أدوية تساعده على نسيان الكحول والتدخين؟ لأنه لا يزال يعاني من تبعات الحرمان منها وتأخذ الكثير من تفكيره.

دمتم بخير وعافية وحفظكم الله ذخرا للأمة الإسلامية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

نحن نأسف – أخي الكريم – أنك حاولت في مرات متكررة الدخول على الشبكة، نسأل الله تعالى أن يُسهل لك هذا الأمر مستقبلاً.

أنا اطلعتُ على رسالتك حول هذا الأخ الذي نسأل الله تعالى له العافية والشفاء، وقطعًا التسمُّم الكحولي أثر على دماغه، وكما تفضلت حدثت له هذه الجلطات، وكل الذي ذكرته من أعراض نفسية وعصبية، وفيما يتعلق بذاكرته: هو ناتج حقيقة من الجلطات الدماغية، أجزاء معيّنة من الدماغ قد تأثّرت وأدّت إلى ما هو عليه الآن.

العلاج في مثل هذه الحالات ليس دوائيًا، الدواء نعم يُساعد ويفيد، وأعتقد أن الطبيب قد أحسن وكتب له – صدقًا وأمانة – أدوية ممتازة جدًّا، وأحسبها فاعلة جدًّا. عقار (ليفيتيراسيتام Levetiracetam) وهو من الأدوية المهمة حتى لا تحدث له أي نوع من التشنجات، والـ (بيراسيتام Piracetam) وهو الـ (نتروبيل Nootropil) دواء يُقال أنه يُحسِّن مجرى الدورة الدموية في الدماغ، ممّا يُساعده إن شاء الله على التذكُّر. أمَّا الـ (نيوروزان Neurozan) فهو دواء يساعد في النوم وفي التوترات.

أنا أعتقد أن النيوروزان يمكن أن يُستبدل بعقار (أولانزبين Olanzapine)، بجرعة صغيرة إذا كان هذا الأخ مثلاً كثير القلق أو نومه ليس جيدًا. أمَّا إذا كان النوم جيدًا يُترك على نفس الجرعة من النيوروزان.

بقي أن أقول لك أن تأهيل هذا الأخ هو المهم، أن نقوم بمحاولة إعادة تعليمه، بأن نكرر له بعض الأشياء، نعطيه المعلومات خاصّة في فترة الصباح، نُحدّثه عن التاريخ، عن الأحداث، عن شؤون الأسرة، الأشياء البسيطة، ونتحدث معه في الأمور التي كان يُحبها - طبعًا غير الكحول – الذكريات الطيبة والجميلة، هذه تُكرر له، وهذه إن شاء الله تجعله يحس بالطمأنينة أكثر ممَّا يجعله يستذكر بعض الأشياء.

الأمر الآخر: أنا أعتقد بالنسبة لموضوع الخروج والتحكم في البول: طبعًا الجهاز العصبي المركزي حين يختلّ تحصلُ مثل هذه الصعوبات.

سيكون من الأفضل أن تدخلوه الحمام في فترات مُحددة، مثلاً كل أربع ساعات، أو كل خمس ساعات، هذا يجعل الجهاز العصبي الخاص بالمثانة ليحصل له نوعًا من التأهيل والتكيُّف، وهذا قد يُساعد إن شاء الله تعالى في التحكم في البول.

طبعًا العلاج الطبيعي مهمٌّ جدًّا، وأرى أنه سوف يتحسّن، خاصّة - كما تفضل الطبيب - في موضوع التركيز والنطق، وحتى الأشياء الأخرى، متوقع أن تتحسّن، لأنه صغير في السن، وما دام صغيرًا في السن نحسب أن خلايا الدماغ في وضع جيد وممتاز، وليس له دمور في دماغه، ويُعرف أن خلايا الدماغ يُمكن أن يُعاد تعليمها، وهذه حكمة عظيمة جدًّا، فيما مضى كان يُعتقد أن أي خلل أو ضرر أو تلف يحصل في خلايا الدماغ لا يمكن أن يحدث بعده تحسّن، لكن هذا الأمر أثبت الآن، خلايا الدماغ يُعاد تعليمها وتأهيلها، وهذا يعطي فرصة كبيرة للتحسن التدريجي.

بالنسبة للكحول: طبعًا لابد أن يُنهى تمامًا، لا يوجد دواء يمنعه حقيقة من تناول الخمر، لكن بمقابلة هذا الأمر بكل صرامة وإبعاده تمامًا عن مصادر الكحول وإعادة تأهيله؛ أعتقد أن هذا حلًّا، وهذا الرجل قطعًا في هذه المرحلة في حالة عجز أو شبه عجز، ولا أعتقد أنه سوف يشرب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً