الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السمنة أفقدتني لذة السعادة وأفكر بالانتحار!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من كل أعراض الاكتئاب ما عدا الأفكار الانتحارية، الخمول، والكسل، وعدم الشعور بالسعادة من أي شيء، حتى الحزن لا أشعر به، فاقد لمعنى الحياة بأكملها، السبب الأساسي لهذه الأعراض السمنة منذ الطفولة، ولكنني لم أتعرض للتنمر -ولله الحمد-، لأن شخصيتي قوية نوعا ما والناس تحبني.

ذهبت إلى طبيب نفسي، وكتب لي علاجا اسمه (Brintellix) في الأسبوع الثالث أصبت بأفكار انتحارية شديدة جدا فأوقفته فورا، وبعد شهرين رجعت كما كنت، علما أن الدواء لم يفدني في شيء إطلاقا، ولا أظهر أي تحسن طفيف، فما الحل؟ لأني غير قادر على التخسيس إطلاقا لوحدي؛ فأنا لا أشعر بقيمة أي شيء لا صلاة، ولا عبادة، فأنا أعاني من ذلك الأمر منذ أربع سنوات، فأنا لم أشعر فيهم بالشعور الطبيعي إلا مرة واحدة ولثوانٍ معدودة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: السُّمنة بالفعل تؤدي إلى الاكتئاب النفسي لدى بعض الناس، هذا أمرٌ مفروغ منه، ودائمًا نقول: إذا عُرف السبب يجب أن نعالج هذا السبب، أو كما يقول البعض (إذا عُرف السبب بطل العجب)، فالسُّمنة يجب أن تكون جادًّا في علاجها، وهنالك عدة طرق – أخي الكريم – طرق التخسيس، ممارسة الرياضة، أن تضع هدفًا كم من الكيلوجرامات يجب أن تنقص شهريًّا، وتحديد الهدف دائمًا أفضل.

أو أن تلجأ إلى الجراحات – أخي الكريم – الآن الجراحات التي تُجرى من تكميم للمعدة وخلافه ساعدت الكثير من الناس، خاصة الذين ليس لهم الدافعية أو الإرادة للالتزام ببرامج التخسيس، فلكل مشكلة حل، وهذا الأمر أصبح الآن له حل. أنا لا أقول لك اندفع نحو الجراحة، لأن الجراحة أيضًا لها مشاكلها، لكنها تُعتبر حلًّا، إذا كان بالفعل وزنك وزنًا مُفرطًا ولم تستطع أن تلتزم بأي برامج لتعديل سلوكك الغذائي والرياضي، فهنا الجراحات سوف تكون جيدة ومفيدة لك حقيقة.

دائمًا الإنسان يجب أن يبعث الأمل والرجاء في ذاته، هذا مهمٌّ جدًّا، والحياة كلها تقوم على الأمل وعلى الرجاء، ويجب أن تذكر – أخي الكريم – أن الله لطيف بعباده، لطف الله دائمًا موجود، دائمًا يشملنا لطف الله في أحلك الظروف وفي أحسن الظروف. فأنت صغير في السن، لماذا الفكر الانتحاري؟ لماذا الخمول؟ لماذا الكسل؟ يجب أن تسأل نفسك، اللهَ أعطانا القدرة على التغيير وأكّد ذلك بقوله: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، مجرد أشياء بسيطة جدًّا: أن تنظم وقتك، أن تنام ليلاً، أن تستيقظ مبكّرًا، تؤدي صلاة الفجر...

أخي الكريم: ترك الصلاة مصيبة كبيرة جدًّا، ولعلَّ ما تعاني منه بسبب بعدك عن الصلاة، ترك الصلاة مصيبة كبيرة، فيجب أن تتخذ قرارًا الآن فيما يتعلق بالصلاة، وتصلي الآن، لا تؤجّل الأمر أبدًا، يجب أن تنقذ نفسك، يجب أن تسعد نفسك. أنت تتكلّم أنك لا تشعر بالسعادة، فكيف تشعر بالسعادة وأنت – أخي الكريم – لم تستفيد من الأدوات والآليات التي توصلك إلى السعادة؟!

علاجك – أخي الكريم – في الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: (وجعلت قُرة عيني في الصلاة)، وقال لبلال رضي الله عنه: (أرحنا بها يا بلال)، الصلاة مفتاح من مفاتيح السعادة، بل السعادة في أدائها والمحافظة عليها، {وما خلقت الجن والإنس إلّا ليعبدون}، وصّى بها النبي صلى الله عليه وسلم عند موته وقال: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم).

أيضًا بر الوالدين مفتاح من مفاتيح السعادة، أن تكون شخصًا مجتمعيًّا، نافعًا لنفسك ولغيرك، أن تحرص على فعل كل أمرٍ يُرضي الله تعالى، وأن تجتنب كل أمرٍ يُغضب الله تعالى، أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأن تحرص على ما ينفعك، وتستعن بالله ولا تعجز.

فأنا أرى أن أمامك طرق كثيرة ومتيسرة، ويجب أن تعالج نفسك من خلال هذا القبيل. عليك بالرفقة الطيبة. ليس هنالك أبدًا بأس إذا قلت لأحد أصدقائك أنه لديك مشكلة الوزن هذه وتريد أن تتخلص منها، ربما يستطيع أن يأخذ بيدك، يُنظم لك برنامجًا رياضيًا، يكون رفيقًا لك. أحد إخوتك في داخل المنزل أيضًا يمكن أن يأخذ بيدك. الأمور لا تأتي لوحدها أبدًا.

العلاج الدوائي من وجهة نظري: الـ (برنتلكس) أو خلافه يُعتبر علاجًا ثانويًّا في حالتك، العلاج الأساسي هي الأسس العلاجية التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً