الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخاوف النفسية التي تصاحبها أعراض جسمانية.

السؤال

السلام عليكم..

في بعض الأحيان وخاصة إذا كنت في المسجد في صلاة الجماعة يخفق قلبي بسرعة، ويأتيني شعور بأنني سوف يغمى علي، وأيضاً إذا كنت مثلاً في مسرح أو دار سينما تأتي هذه الحالة، ولكن ليس دائماً، وأيضاً تحصل لي دوخة وفقدان للوعي إذا كنت بالمستشفيات وخاصة عند مشاهدة الجروح أو الدم، ولكن ليس دائماً، فأرجو الإفادة جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الخوف في أثناء التجمعات بأنواعها المختلفة مثل صلاة الجماعة أو الذهاب إلى الأسواق وخلافه هو ناتجٌ عن حالة نفسية بسيطة تُعرف باسم الرهاب الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي يحدث للإنسان نتيجةً لتجارب نفسية سابقة، كأن طلب منه شيء يجب تنفيذه أمام الآخرين دون أن يكون مستعداً لذلك، ومعظم الناس الذين يُعانون من المخاوف والرهاب الاجتماعي والمخاوف الأخرى، من النادر أن يتذكروا أحداثاً معينة أدت لذلك، ولكن الأبحاث العلمية تدل على أن كل هذه المخاوف ناتجة عن تجارب سلبية سابقة كما ذكرت، وهي بالطبع تحدث للناس الذين لديهم استعداد لهذه المواقف التي تؤدي إلى المخاوف.

طريقة العلاج يا أخي بسيطةٌ جداً، وهي تتمثل في عدم تجنب مصادر الخوف مطلقاً، إنما العمل على مواجهتها واقتحامها، وصدقني لن يحدث لك إغماء أو أي شيء، فهذا شعور سلبي يأتي للإنسان في المواقف الاجتماعية، وكما ذكرت قد يأتي للإنسان الشعور بأنه سوف يسقط أرضاً أو سوف يغشى عليه أو سوف يغمى عليه أو أنه سوف يفشل مع الآخرين أو كأن كارثة سوف تحدث، فهذه مشاعر ليست حقيقية، ولا يحدث للإنسان أي شيء، فأرجو التأكد من هذه النقطة، وأردت التأكيد عليها لأنها أساسية وتُعتبر معيقة جداً لمعظم مرضى المخاوف.

أرجو يا أخي أن تستمر في الذهاب لصلاة الجماعة، ويمكنك أن تبدأ بأن تكون في الصفوف الخلفية ثم بعد ذلك وبالتدرج تتقدم كل أسبوع صفاً من الصفوف حسب عدد الصفوف المعتادة في المسجد الذي تصلي فيه، إلى أن تصل إلى الصف الأول، كما أنه وأنت داخلٌ على المسجد يمكنك أن تأخذ نوع من التنفس العميق والبطيء، فهذا إن شاء الله سوف يُساعدك كثيراً .

توجد الآن والحمد لله علاجاتٍ كثيرة وأدوية فعّالة لعلاج الحالة التي تُعاني منها، والدواء الذي أرشحه لك يُعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تتناوله بمعدل نصف حبة (10 مليجرام ) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة بمعدل نصف حبة أيضاً كل أسبوعين، حتى تصل إلى الجرعة الكاملة، وهي حبتين في اليوم أي أربعين مليجراماً، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم تبدأ في تخفيض الدواء بواقع نصف حبة كل أسبوعين، حتى تنتهي المدة المقررة للدواء .

هنالك دواء مُساعد أيضاً يُعرف باسم فلونكسول يمكنك أن تتناوله مع الزيروكسات، وجرعته هي نصف مليجرام صباح ومساء لمدة شهرين .

المخاوف الأخرى المتعلقة بدخول المستشفيات ومشاهدة الجروح يجب أن تُعامل بنفس المستوى، أي بالمواجهة، ويجب أن تكون هذه المواجهة في الخيال أولاً، ثم تكون في الواقع، كأن تتخيل مثلاً أنك ذاهب لدخول المستشفى يومياً من أجل زيارة المرضى، وأنك تشاهد الجروح التي يُصاب بها الناس في حوادث الطرق وغيرها، وأنه قد حدث حادث وكنت أنت الشخص المسعف الوحيد فيه للآخرين .
أرجو أن تقوم بهذه التأملات النفسية السلوكية، وهي مفيدة جداً ومضمونة النتائج حسب ما تُشير الأبحاث العلمية .

أخيراً: أؤكد لك أن المخاوف هي سلوك نفسي مكتسب، ويمكن أن تزول تماماً، فقط عليك الالتزام بالدواء الذي وصفته لك، مع ضرورة الاهتمام بالتمارين النفسية، والتي تقوم على المواجهة، وعدم تجنب مصدر الخوف مهما كان، ولن يحدث لك أي شيء على الإطلاق من المخاوف التي تحدث لك والتي تتمثل في أنه سوف يُغمى عليك أو أنك سوف تفشل أمام الآخرين .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا جنة الرحمن

    جزاك الله خيرا يا دكتور

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً