الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكون قوية، وأتخلص من الخجل؟

السؤال

السلام عليكم.

أريد البدء من جديد بحياة يرضاها الله، بصلاة ودراسة وكل شيء جيد، فكيف أكون قوية؟ حيث أنني خجولة وحساسة، وقد حاولت تسجيل الدخول منذ فترة ولم يحدث، فرجاء مساعدتي ونصحي، حيث أنني أثق بكم وأعتبركم عائلتي، وأحبكم في الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك ابنتنا العزيزة في عائلتكِ.
ما أجمل تلك الطاقة التي لديكِ، أتمنى منك أن تستثمريها خير استثمار، فالمرحلة العمرية التي تمرّين بها من أجمل مراحل حياة الإنسان، والتي يميزها الحماس والطاقة الكبيرة، لذا أدعو الله لك أن تحققي في حياتكِ كل الإنجازات التي تتمنينها لنفسك لتكون لك بصمتك الخاصة بك.

فيما يخص سؤالك حول رغبتك ببدء حياة جديدة يرضاها الله بصلاة ودراسة وكل شيء جيد، وأيضاً أن تتمتعي بقوة الشخصية بعيداً عن الخجل والحساسية، هذه بعض الأفكار والمقترحات التي سنتشاركها سوياً، وأتمنى أن تجدي فيها الفائدة والدعم.

• فيما يخص الالتزام بالصلاة: فسيفيدك كثيراً موضوع ضبط المنبه وفقاً لمواقيت الصلاة والأذان، وأقترح عليك أن تجعلي رنة المنبه هي آية بصوت جميل تحمل معاني حول الصلاة، فهذا سيساعدك على زيادة دافعيتك لتأدية الصلاة على الفور.

• أيضاً إن كانت لديك صحبة صالحة تتفقن سوياً على الالتزام بأداء الصلوات اليومية فهذا سيرفع من معنوياتكن كثيراً ويشحذ من هممكن، ومَنْ تبرد همتها قليلاً ستجد من تأخذ بيدها وترفع من همتها مُجدداً.

• أقترح عليك أيضاً زيادة معلوماتك حول أثر الصلاة على الناحية النفسية والإدراكية والروحية للإنسان، ومعرفة المعاني العميقة للصلاة، فزيادة المخزون المعرفي لمعاني الصلاة سيجعلك تلقائياً ترَيْن الصلاة من زوايا مختلفة، وذلك سيجعلك تتمسكين بالصلاة ويجعل أداءك لها أقوى والتزامك بها أسهل، لأنك ببساطة ستصبحين تؤدينها بشكل أعمق نتيجة تقوية قناعتك بفوائدها ومعانيها، من هذه الكتب أقترح عليك مجموعة كيمياء الصلاة لأحمد خيري العمري، وأنا متأكدة بأنك ستستمتعين بقراءتها وتجدين فيها ما تبحثين عنه.

• أما فيما يخص الدراسة: فيكفي أن تجلسي مع نفسك وتطرحي عليها هذا السؤال (ما هي المهنة التي تتخيلين نفسك أنك تؤدينها وأنت بقمة الاستمتاع لما تقومين به وأيضاً بقمة الرضا حول الفائدة التي تخرجين بها للناس من حولك؟)، وبعدها ضعي إجابتك في مكان ظاهر لك وبين متناول يدك، بهدف شحذ همتك على الدراسة باستمرار.

• وتذكّري عزيزتي أن دراستك ليست إلا وسيلة في الحياة لما تريدين الوصول إليه، فالهدف الحقيقي هو نتيجة هذه الدراسة وليس الدراسة نفسها، وأيضاً البصمة والتأثير الايجابي الذي ترغبين بتركه لنفسك بعد ممارستك لمهنتك.

• أيضاً أقترح عليك أن تتخيلي نفسك وأنت في عمر الأربعين مثلاً، وأنك حينها تنظرين إلى حياتك نحو الوراء بعشرين سنة، وتخيلي ما هي الأمور التي ستكونين فخورة بنفسك أنك أنجزتيها في شبابك، وما هي الأمور التي ستكونين متحسرة مع نفسك أن شبابك قد فات دون قيامك بها، واكتبي قائمة بجميع الأشياء التي خطرت على بالك، من أصغرها إلى أكبرها، وتأكّدي أنها لو لم تكن مهمة لك لما كانت ستخطر على بالك، واجعليها هدفاً لك أن تنجزيها، فذلك بكل تأكيد سيجعل حياتك بعد بضعة سنوات مليئة بالأمور المُنجزة التي تحبينها وتُشعرك بالسعادة والرضا.

• ومن المهم لكي لا تجعلي الأمر في إطاره النظري فحسب، حاولي أن تضعي أمام كل بند من القائمة السابقة، الوسيلة والطريقة المتاحة لتحقيقه وفقاً لظروفك، ومن ثم الخطوات التطبيقية لتحقيق ذلك مع وضع خطة زمنية لإنجازه.

• فيما يخص رغبتك بتقوية شخصيتك وتخلصك من الخجل والحساسية، فحلّ ذلك هو تكثيف الخبرات الاجتماعية، والتي سينتج عنها تكثيف أخطائك الحياتية والاجتماعية، حيث إنّ الإنسان لن يطور نفسه إلا بعد محاولاته المتكررة المتضمنة للعديد من الأخطاء، لذا أقترح عليك أن تجدي الخيارات الاجتماعية المُتاحة لك وفقاً لظروفك، وأن تُجبري نفسك على الانخراط فيها تدريجياً من الأقل إلى الأكثر صعوبة بالنسبة لكِ (حتى لو بدا لك أن الأمر صعب عليك، هذا الشعور طبيعي جداً، فكيف يمكن للإنسان أن يسعد دون أن يُجبر نفسه ودون أن يخرج من منطقة راحته النفسية التي اعتاد عليها)، وفي كل موقف أو خبرة اجتماعية تتعرضين لها حاولي مراقبة نفسك ومراقبة التطورات (حتى الصغيرة منها) التي تحدث لديك على نطاق مهاراتك الشخصية والاجتماعية، وذكّري بها نفسك باستمرار، حيث سيخلق ذلك شعوراً جميلاً لديكِ سيُزيد بدوره من دافعيتك للتغيير من شخصيتك للأجمل كما تُحبين.

• نقطة الدعم النفسي والمعنوي مهمة جداً للإنسان أثناء مرحلة تغييره لذاته وشخصيته، لذا استعيني بالأشخاص المُقرّبين لك والذين يحبونك وتحبينهم وتثقين برأيهم، وحاولي أن تسأليهم عن رأيهم بك حول أكثر الصفات التي يجدونها مركز قوة بشخصيتك، وخزّني تلك الإجابات بورقة خاصة بك (ستدعمك وترفع من معنوياتك في أوقاتك الصعبة)، ومن ثم اسأليهم عن الصفات لديكِ التي يرونها أنها بحاجة للتطوير، فإجاباتهم ستساعدك على رسم خطة التغيير الخاصة بك وتحديد أولوياتك في أي الصفات التي ستبدئين بها أولاً، وما هي صفات القوة التي ستكون لك بمثابة أسلحتك التي ستُعينك على مرحلة التغيير الجميلة.

ختاماً: أتمنى أن تكوني قد وجدتِ الفائدة من إجابتي لكِ، وأتمنى أن لا تترددي من مُراسلتنا مُجدداً إن كانت لديكِ أية استفسارات أخرى، وللاطمئنان عنكِ.

أدعو لكِ عزيزتي بتحقيق كل ما تتمنيه، دُمتِ بحفظِ الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً