الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقتي مع زوجي متزعزعة ويتوقع مني أن أكون مثالية! أرشدونا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أم لثلاثة أطفال، وحامل بالرابع، متزوجة منذ ٨ سنوات زواج تقليدي، وقرار متسرع للهروب من الضغوط الأسرية التي كنت أواجهها.

طبعا سارت الحياة بشكل أسرع مما توقعت، ووجدت نفسي فجأة مضطرة لتحمل مسؤولية أطفالي الذين أنجبتهم بشكل متوال دون فرصة كافية للراحة، وكنت أظن أن الأمر سهل يقتصر على الاهتمام بالنظافة والطعام، وغمرهم بالحب والحنان، ولكنني لم أنجح في تربيتهم بالشكل الصحيح، وأيضا أصبحت أهملهم كثيرا، وذلك لأنني شعرت بحاجتي لملء الفراغ العاطفي الموجود في حياتي منذ الصغر، والذي لم ينجح زوجي بملئه بسبب عدم تقبلي له في البداية وصعوبة التأقلم معه، ورغم أن علاقتنا تغيرت وأصبحت العشرة والأولاد رابط بيننا، إلا أن هذا الفراغ ما زال موجودا، وللأسف ألجأ لملئه بأمور أخرى مثل المسلسلات والتخيلات وغير ذلك.

الآن أنا في مشكلة حقيقية تتعلق أولا بشخصيتي المهملة التي تحتاج لحافز قوي مستمر للإبقاء على توازن هذه الأسرة، وأيضا لقدرتي على التعامل مع أولادي الذين أشعر بالفشل في تربيتهم، حيث أصبحوا مشاغبين مهملين، لا يسمعون كلامي، ولا أحتملهم.

ابني الكبير بالصف الأول، ولا أستطيع السيطرة عليه، أو إدارته؛ لأنه عنيد مدلل وأناني، والأوسط بسن الروضة وهو ثرثار، ويعاني من نقص عاطفي كبير، وهناك طفلة بعمر السنتين، وهي متعلقة بي بشكل كبير، وأصبحت نكدة مؤخرا..

كيف يمكنني أن أبدأ معهم بشكل صحيح، وأصبر على تربيتهم، وعلى مشاكلهم؟ مع العلم أن علاقتي مع زوجي متزعزعة، وهو لا يبدي أي تفهم ويتوقع مني أن أكون مثالية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سكينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونؤكد لك أن السيطرة على العيال أمرٌ يحتاج إلى الاستعانة بالكبير المتعال، مع طول البال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال.

أرجو أن تُعيدي ترتيب حياتك، وتشكري الله تبارك وتعالى الذي وهبك هؤلاء الأطفال، الذين نسأل الله أن يُنبتهم نباتًا حسنًا، وحاولي الاقتراب من زوجك، وركّزي على إيجابياته، واقتربي منه، واطلبي منه أن يكون عونًا لك في تربية هؤلاء الأطفال، الذين بلا شك ثمار واستثمار لكم في هذه الحياة.

إذا كان الزواج كان لأهداف غير واضحة أو للهروب من الضغوط كما ذكرت، فإن الإنسان ينبغي أن يتأقلم مع ظرفه الحالي، فأنت في نعمة كبيرة من الله تبارك وتعالى بوجود هؤلاء الصغار، واعلمي أن إشباعهم بالعاطفة ممَّا يُعينك أيضًا على أن تُشبعي نفسك وتملئي وقتك، واجتهدي دائمًا في التقرُّب إلى الله تبارك وتعالى، واشغلي نفسك في القراءة بالأمور التربوية؛ لأن هؤلاء الأطفال في حاجة إلى أن تعرفي خصائص مراحلهم العمرية.

ومعظم هؤلاء الصغار – أو كلّهم تقريبًا – في مرحلة العناد، وما يحصل منهم طبيعي، والعناد مفيد بالنسبة لهم، لكنهم سينقلبوا، هذا ينقلب إلى ضده عندما نقابلهم عنادهم بعناد، وعندما نستجيب لطلبات المُعاند، وعندما نعطي أوامر تحتمل إجابة بـ (لا) أو (نعم)، عندما نُكثّر عليهم التعليمات والتوجيهات، وأنت بحاجة إلى أن تخصصي لهم أوقاتا، حتى لا تتحرّك بينهم الغيرة، فما يحدث من الطفل الثاني والثالث هذا واضح فيه جانب الغيرة، ولذلك أرجو أن توزّعي بينهم الاهتمامات والنظرات، واستعيني بربِّ الأرض والسموات.

واعلمي أن حرصك على الطاعة وبُعدك عن كل ما يُغضب الله تبارك وتعالى من أكبر ما يُعينك على الاستقرار النفسي، ومن أكبر ما يُساعدك في حسن إدارة هذه الأسرة.

وأعجبتني كلمة (إدارة هؤلاء الأطفال)، هم بحاجة إلى إدارة، إدارة نتفهم فيها احتياجات هؤلاء الصغار، نتفهم فيها طبيعة كل مرحلة عمرية، نجتهد في أن نكلفهم ببعض المهام؛ لأن هذا الذي بلغ سبع سنوات تستطيعين أن تستفيدي من بعض طاقاته فيعاونك في بعض المهام، وهنا سيحتاج إلى مدحٍ وثناء، وتركيز على ما فيه من الإيجابيات، وطلب منه المساعدة بالنسبة لك.

وأرجو أن تطلبي من زوجك أيضًا أن يتواصل معنا حتى ننبهه لأدوار في غاية الأهمية، هذا الولد الكبير ينبغي أن يكون مع الوالد في بعض الوقت، يصطحبه إلى أماكن نظيفة، حتى يُخفف الضغوط عليك، وكذلك أيضًا ينبغي أن تتعاونوا جميعًا في حسن تربية هؤلاء الصغار ورعايتهم، فأنتم في نعمة عظيمة من الله تبارك وتعالى.

وحاولي دائمًا أن تضعي لنفسك برنامج حتى تسيري عليه، ومعلوم أن الخروج من دائرة الإهمال يحتاج إلى عزيمة، ويحتاج إلى إرادة، ويحتاج إلى أن تتعوذي بالله من العجز والكسل، والعجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التخطيط، واجتهدي دائمًا في أن تنظمي وقتك مع هؤلاء الصغار، واقتربي من زوجك، واحمدي الله تبارك وتعالى الذي هيأ لك هذه الفرصة وهؤلاء الأبناء الذين هم نعمة من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك أن تكوني مثالية، وأن يعين زوجك أيضًا لأن يكون الزوج المثالي.

نكرر الترحيب بكم في الموقع، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً