الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعجبت بجاري الشاب وأريده أن يتقدم لي ، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طبيبة، عمري 38 عاماً، على قدر وافر من الجمال، وأعمل في مستشفى حكومي بوظيفة مرموقة، وأقيم وحيدة بعد وفاة والدتي، مطلقة منذ 10 أعوام من زواج دام عامين دون إنجاب، نتيجة لمشكلة طبية نسائية لدي، تم إساءة التعامل معي من جانب زوجي السابق، رغم أنه كان إنساناً محترماً.

المهم أنه جاء شاب في الأربعينات غير متزوج، واشترى الشقة المقابلة لي، ولمدة طويلة كنت أراقبه، ووجدت أنه في حاله لا يكلم أحداً، فقط يلقي التحية، وواضح أنه شخص محترم ومتدين، فما كان مني إلا أن طلبت من أخي أن يصادقه، وحدث أن تعرف عليه وصادقه، ووجده شخصاً ودوداً ومحترماً، ومركزه المادي والاجتماعي جيد، إلا أنه من الناحية الاجتماعية غير جيد، وعلمت أنه لا يفكر بالزواج، ويهتم بعمله فقط، فهو يرى أن المال هو الذي سينفعه في كبره، فقد تعرض للخذلان من أقرب الناس إليه دون الدخول في التفاصيل.

وقال: إنه لا يريد من أحد أن يقترب منه، وكان رأيه عندما سئل أنه إذا وجد إنسانة محترمة تريد أن تحتمي به، وتركن إليه نتيجة تجربة قاسية، فكان رده أكثر قسوة: أنه إذا ارتبط فلن تكون مطلقة، حتى لو بها مميزات رائعة، فهو لا يتصور أن تكون زوجته قد انكشفت جسدياً وأحبت غيره، وأنه لو كان بها خير كان أشرف لها أن تكمل مع زوجها السابق، فلا يوجد مبرر بالنسبة له لمن كشفت سترها بكامل رضاها أن تترك زوجها حتى لو كانت هناك مشاكل، أو عدم تكيف، فهذا يدل على شخصية مستهترة غير مسؤولة، فالمشاكل الشخصية تظهر في الخطوبة.

فهل يمكن إقناع وتعديل تفكير هذا الشخص؟ وهل هو على صواب أم خطأ، أم أنه شخص معقد ومريض نفسياً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أختنا وابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم والدتك، وأن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به، ونشكر لك حُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعيننا على وضع النقاط على الحروف، والإجابة بما يُرضي الله تبارك وتعالى.

لا نستطيع أن نحكم على الشاب بأنه مُعقّدٌ نفسيًّا، ولكن له أفكار ربما يؤمن بها ومتأثِّرٌ بها، ونحن بلا شك لا نُوافقه عليها، فالطلاق لا يعني نهاية المطاف، وربما تطلق المرأة من زوجها لمناقبها، لأن الزوج لم يكن مناسبًا، حتى لو كان مناسبًا وكانت مناسبة فإن هذه الأمور ممَّا يُقدّره الله تبارك وتعالى، وليس في الطلاق عيب، فالطلاق من شريعة الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تجدي شابًّا يتفهم ويتقبّل الوضع الذي أنت فيه، ومثلك تستحق مَن هو أفضل، ومَن هو أفضل ليس عنده مثل هذه الاشتراطات.

نحن طبعًا لا نتدخل في أفكارٍ كهذه، فهي تُمثِّلُ صاحبها، وحبَّذا لو تواصل معنا حتى نناقشه، ولكن نحب أن نقول: الإنسان أدرى بنفسه، والإنسان ما ينبغي أن يتأثّر بتصورات الآخرين وفهمهم للحياة الاجتماعية، أو الحياة الأسرية التي يعيشُها الناس.

وأعتقد أن المُطلّقة لها فرص كبيرة في أن تسعد وتُسعد، بل الثيِّب لها ميزات كبيرة، وسلف الأُمّة كانوا يتسابقون إلى الثيبات، لأن فيها ميزات، فهي الأكثر صبراً، وهي الأقدر على الاستمرار في الحياة، وهي صاحبة تجربة، وهي صاحبة خبرات، هناك معاني جميلة، ولذلك هذه مفاهيم نحن بحاجة إلى أن نُصححها عند شبابنا، بل وفي مجتمعاتنا.

الذي نطلبه منك أولاً: أن تُكثري من الدعاء.

الأمر الثاني: ألَّا تتأثري بهذا الانطباع الذي وصلك من الشاب الجار هذا.

ثالثًا: نحيّي فكرتك في جعل شقيقك يتواصل معه، وهذه وسيلة مناسبة لدخول الفتاة إلى الحياة الأسرية الناجحة من أوسع أبوابها، فالزواج التقليدي هو ما يتمُّ بهذه الصورة.

ننصحك بالاستمرار في تشجيع أخيك على أن يخطب لك، وينبغي أيضًا أن يبحث لشقيقته عن الصالح الذي يُسعدها وتُسعده.

كذلك أيضًا لا تحصري نفسك، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، واعلمي أن لكلِّ واحدة منهنَّ ابن أو أخ أو محرم تبحث له عن الفاضلات من أمثالك، نسأل الله أن يعينك على الخير.

ولا مانع أيضًا من استمرار الحوار من جانب شقيقك مع هذا الشاب المذكور، فإن نجح أن يُغيّر القناعات فبها ونعمت، وإلَّا فالرجال غيره كثير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به، وأرجو ألَّا تحصري نفسك، حاولي أن تنفتحي للحياة وتظهري أمام الزميلات وأمام الصالحات ما وهبك الله تبارك وتعالى من خصال جميلة وصفات كريمة ومؤهلات عالية، فكلُّ ذلك من الأسباب التي تعين المرأة على استئناف حياتها الاجتماعية الأسرية.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم الهداية والخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً