الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع ولدين مراهقين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

ليلة أمس تأخر أخواي الصغيران -13 ،12 سنة- عن صلاة العشاء لانشغالهما بمشاهدة فيلم، لا أعلم ماذا أفعل، وكيف أنصحهما؟ كانا كثيرا اللعب بالكرة في الخارج مع أولاد الحي، وبسبب الوضع الحالي لا يخرجان، وإن خرجا لا يريدان الرجوع، ويقضيان الوقت في اللعب بالبلايستيشن، ونحن ننكر عليهما هذا الفعل وننصحهما، ولكن لا يستمعان لنا، علما أن أبي مغترب، هما عنيدان ولا يستمعان لوالدتي ويرفعان صوتهما عليها، وأمي رحيمة ولينة في تعاملها، ولكنها توبخهما، ودائما يلحان في طلب هاتف لوحي، وقد وافق والداي بشرط حفظهما لأجزاء من القرآن.

هما كثيرا التضجر، ولا يقومان للصلاة من فورهما، وأحدهما يرفض أحيانا الاستماع للدروس الدينية، لقد تغيرا كثيرا بعد انتقالنا، فقد كانا محافظين على تلاوة وحفظ القرآن وسط مجتمع ملتزم، إلا أنهما تأثرا كثيرا بفتيان هذه البلاد غير الملتزمين من ناحية الشكل والملابس، وأحدهما محب للتقليد، وأنا أخاف عليهما كثيرا، فكيف أنصحهما وأتعامل معهما؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسيم الصباح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، والاهتمام بأمر إخوتك، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم السعادة والآمال.

وأرجو أن تبدئي مسيرة الإصلاح بإيضاح هذه المخاطر للوالدة، التي من المهم أن تجدي نُصرتها، وأن تجدي تأييدها، وأتمنَّى ألَّا تحتاجوا لإدخال الوالد، والوالد ينبغي من على البُعد أن يُرسل النصائح والإرشادات المهمة، لأن هذا البُعد مُؤثّرٌ في التوجيه، فيتواصل مع هؤلاء الأبناء في هذه السِّنِ الخطِرة جدًّا والمهمَّة جدًّا، فهذه السِّنِّ هي بدايات المراهقة، وهي ميلاد جديد للإنسان.

ولذلك أتمنى أن يكون هناك تنسيق بينك وبين الوالدة في وضع قواعد وضوابط للبيت، وأرجو أن تحمِّلوا هؤلاء الأبناء بعض المسؤوليات وبعض المهام، وتُشعروهما بأهمية وجودهما في البيت، وأهمية مشاركتهما في أعمال البيت، وأهمية المحافظة على مستواهما والالتزام الشرعي والمستوى العلمي كذلك في حياتهما.

ومن المهم أيضًا الاجتهاد في عزلهما عن رفاق السوء، وكذلك أيضًا ينبغي تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمشاهدات عمومًا، فإن ما يُشاهده الإنسان له تأثير كبير وخطير جدًّا، وأعتقد ما يُشاهد في الجوّالات – وفي كذا – لا يقلُّ خطورةً عن الموجود في الشوارع، ولذلك المسؤولية ليست سهلة، وتحتاجون إلى تعاون، وأول خطوات ذلك أن تكسبي رأي الوالدة، وأن تكون مفاتيح الأمور بيدك، وأن تكون التوجيهات موحدة، لا نريد أن تأمري بشيءٍ وتأمر الوالدة بعكسه، ولا نريد أن تشتدّي في موضوع والوالدة بالعكس، ولكن أتمنى إيضاح المخاطر بالنسبة لهؤلاء الأبناء.

وأيضًا من الضروري فهم طبيعة المرحلة العمرية التي يمرُّ بها هؤلاء الأبناء، فهي مرحلة العناد دائمًا تبدأ من عشرة إلى أربعة عشر، أو نحو هذه الفترة، ولذلك من الأفضل ألَّا تُعطى التعليمات مباشرة، وأن نستبدل بدل التعليمات نستبدلها بالحوار والمناقشة والإقناع.

كذلك أيضًا من المهم جدًّا إعطاء جدول وبرمجة للبيت، بحيث تكون هناك أوقات للدخول وأوقات للخروج يُتفق عليها، ومن المهم أن يُشاركا في وضع هذه اللوائح، يعني: حتى لا يشعرا أنها تُفرض عليهما.

كذلك أيضًا ينبغي للوالد أن يتدخل – كما قلنا – بأن يُشير إلى أهمية المحافظة على القرآن، يسأل عن حفظهما، يسأل عن صلاتهما، يُشعرهما أنهما الكبار وأنهما رجال البيت، عليهما مسؤوليات كبيرة، ويُنبِّه للمخاطر التي يمكن أن تحدث خارج البيت، ويُحذرهما من رفاق السوء، طبعًا دون أن يُشعرهما أنه يقول هذا الكلام بناء على كلام وصله منكم، لكن ما هي إلَّا توجيهات بهذه الطريقة.

من المهم كذلك الثناء على إيجابياتهما، والتركيز على الجوانب المُشرقة، ومناقشتهما عن الصلاة والمحافظة عليها، ليس في وقت الصلاة، ولكن بترتيب أوقات نومهما، بترتيب جدول لهما، بحيث يكون هناك أوقات للعب، وهناك أوقات للجلوس مع العائلة، وهناك أوقات لحفظ القرآن، هناك أوقات للصلاة، وأوقاتها معروفة، وهي المعيار الأساسي لأي جدول ناجح يُنظمُ في البيت.

من المهم جدًّا أن يُكثِّف الوالد والوالدة – وأنت أيضًا – الدعاء لهؤلاء الأبناء، فنحن في زمان الأمر ليس فيه سهل، ولكن نبشركم بأن البدايات الصحيحة والقرآن الذي حفظوه في صِغرهما سيكون عونًا لكم إن شاء الله على استقامتهما، ونسأل الله أن يقرّ أعيننا وأعينكم بصلاح الأبناء والبنات، وأُكرر لك الشكر على هذا الهم والاهتمام بأمر إخوانك، وهكذا ينبغي أن تكون البنات الفاضلات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح الأحوال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً