الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من التسويف والحسد والتفكير في الشباب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة ثانوية عامة، أحتاج التركيز في دراستي وعدم تضييع الوقت، أريد الاجتهاد بجانب تركيزي لأنني يجب علي التعلم من مصادر مختلفة؛ لتطبيق نظام التعلم الجديد في مصر علي مرحلتي لأول مرة، كما أنني فتاة ملتزمة دينيا من ناحية الصلاة والصوم واللباس الشرعي.

ولكن يوجد شيء يضايقني، أنني كثيرا ما أفكر بشاب عندما يعجبني، ولكن أسأل نفسي سؤالا: هل سأقبل بهذا الشاب الذي أعجبني إذا تقدم لخطبتي؟ فإجابتي تكون بالنفي لأنني أحب دراستي، كما أنه كان عندي عدة هبات مميزة من الله عز وجل، مثل رؤية المستقبل في المنام، والشعور بالشيء قبل أن يحدث، ولكن أذنبت ذات مرة عندما شاهدت فيديو إباحي، واستغفرت الله كثيرا لأنه حرمني من هذه النعم بسبب تكرار الذنب، وعدت إليه مرات ومرات، والآن أحاول استعادة رضاه علي.

كما أن الحسد يؤثر علي، خاصة أن مستواي الدراسي والمادي أحسد عليه كثيرا من جيراني وأصدقائي، وأكره أن أمسك الكتاب بعد أن يحدثني أحد عن دراستي، وشعري محسود، فمنذ أن رأته امرأة عينها صوابة وأنا مصابة بهوس نتف الشعر بدون سبب، وبدأ وزني في الزيادة أيضا.

فكيف أنظم وقتي وأبتعد عن التسويف؟ كيف أصرف أفكاري عن الشباب؟ كيف أرضي الله وأستعيد قربي منه حيث إنني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم مرتين في المنام قبل فترة؟ كيف أُبطل أي حسد أصابني أو أمنعه من أن يصيبني؟ أعلم أنني أطلت عليكم ولكني أعاني نفسيا.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنّ أسئلتكِ تعكس طريقة تفكيرك الواعية وحرصك الشديد على تفوقك وإرضاء الله تعالى، أسأل الله أن يُعطيكِ ما تتمنينه في الدنيا والآخرة.

فيما يخص سؤالك الأول:
(كيف أنظم وقتي وأبتعد عن التسويف؟)
- بداية دعينا نتفق أن مصطلح مهارة تنظيم الوقت الذي تسألين عنه يعني أن وقتك مليء بأشياء عدة وتريدين التنظيم فيما بينها، أي ما أريد قوله لك أن الحياة ليست دراسة فقط، بل هناك العديد من الأشياء المهمة والممتعة لك والتي من المهم برأيي أن تملئي وقتك بها لتستثمري حماسك وطاقتك الكبيرة في هذا السن، لذا فيما يخص الدراسة أريدك أن تفكري بالنوعية وليست الكمية في وقت دراستك، هذه الطريقة في التفكير هي أول عامل سيساعدك على التركيز والنوعية في إنجازك الدراسي.

- سننتقل إلى كيف تُقوّين من تركيزك وتبتعدين عن التسويف وتتمكنين من تنظيم وقتك، حاولي أن تلتزمي بهذه النقاط المفيدة:
1- ابحثي عن أوقات الذروة للنشاط والتركيز الخاص بك، فلكل شخص وقت ذروة عليا لنشاطه، وذروة دُنيا، قد تكون صباحا أو مساء أو بعد الظهر، لا فرق، هذا يعتمد على طبيعة الشخص نفسه، لذا اعرفي طبيعتك وفي أية فترة تنجزين عادة أكثر وتكونين أكثر تركيزا ونشاطا.
2- ابدئي بدراسة المادة الأكثر صعوبة، أو التي تتطلب الوقت الأطول، والعكس صحيح، المادة الأسهل أو التي تتطلب وقتا أقل للدراسة ضعيها في فترة ذروة النشاط الدنيا، هذا الأمر سيزيد من إنجازك لأنك تتناغمين مع طاقتك التركيزية الخاصة بك.
3- استخدمي أكبر عدد من حواسك أثناء الدراسة، فهذا سيثبت المعلومة في دماغك.
4- تخيلي نفسك تتكلمين وتشرحين المعلومة لشخص آخر يسألك عنها، أو صوري نفسك فيديو وأنت تشرحين المعلومة بشكل متكامل وسلس، هذه الطريقة ستساعدك على إعادة ترتيب أفكارك وترسيخها بشكل عفوي.

- فيما يتعلق بالتسويف، كلما ذكّرت نفسك بالفائدة والنتيجة النهائية ما بعد دراستك وتفوقك التي ستجنينها وتحصلين عليها، كلما رأيت نفسك تنغمسين بالإنجاز وليس التسويف، وأيضا حاولي أن تدرسي حينما تشتاقين فعلا للدراسة، فالاستمتاع أثناء الدراسة هو عامل مهم في تسهيل تثبيت المعلومة بوقت أقل.

فيما يخص سؤالك الثاني: (كيف أصرف أفكاري عن الشباب؟)
- من خلال تركيزك على نفسك لتكوني فتاة مميزة غير عادية، ويكون هدفك ارتباطك بمن يستحقك ويناسبك، وأنصحك أن لا تقلقي، فمن الطبيعي في عمرك التفكير في موضوع الشباب والجنس الآخر، فهذا يتماشى مع احتياجاتك العمرية، حيث تبدئين التفكير بالشباب والحب والزواج، كل هذه التفاصيل هي من حق أية فتاة من عمرك، والطريقة التي اتبعتِيها رائعة عندما سألت نفسك: هل سأتزوج من هذا الشاب الذي أعجبت به؟ فأجبتِ بالنفي بسبب دراستك، فالدماغ يخفف من نشاطه في أي موضوع يراه بعيد المدى.

ولكن بالمقابل أريدك أن تعلمي أن الزواج والحب قادم لك وستعيشينه، لذا اجعلي تركيزك على نوعية زواجك، أن تُحسني اختيارك لشريك حياتك، لتكون حياتك بعد الزواج مصدرا لسعادتك وليس العكس، فمن المؤكد أنك تسمعين العديد من القصص التي تبدأ بالإعجاب والحب وتنتهي بعد الزواج بالمشكلات والانفصال أحيانا، لذا من الروعة أن تبدئي من الآن بالإطلاع على موضوع كيفية إتخاذ القرار في موضوع الزواج، وحاولي كلما خطر على بالك شاب معين معجبة به، أن تذكري نفسك بأن السعادة ليست بالزواج أو الحب فحسب، إنما هي بالتكامل بين الزوجين وهذا لن يأتي إلا بأمرين: حُسن معرفتك لاختيار الشريك المناسب، وحُسْن معرفتك بنفسك وشخصيتك، مع العمل على تطوير نفسك ومهاراتك لتصبحي فتاة مميزة غير عادية، وتصبحي على مستوى عالٍ من المعرفة قبل الإقدام على تجربة خاصة مثل الارتباط.

لذا برأيي ركّزي هذه الفترة على معرفة نفسك أكثر وتطوير شخصيتك، واقرئي العديد من الكتب في مجال تنمية الذات، وأيضا التي تتحدث عن الفروقات بين الرجل والمرأة في التفكير، كل هذه الأمور ستجعلك أكثر وعيا سواء باختيار الزوج، أو الإقبال على الزواج، فيكون لك سعادة وهناء، وبهذه الخطوات سوف تجعلين تفكيرك أكثر عقلانية وتحكماً بمشاعرك، مما يخفف من انغماسك في التفكير بالشباب.

فيما يخص سؤالك الثالث: (كيف تستعيدين قربك من الله؟)
برأيي من خلال النقاط التالية:
- التوبة النصوح:
والتي تتضمن الشروط الآتية:
1- الإخلاص لله في هذه التوبة.
2- الإقلاع عن المعصية.
3- الندم عليها.
4- العزم على ألاّ تعودي.
5- إن كانت المعصية تتعلق بحقّ آدمي، فيضافُ شرطٌ خامسٌ، وهو: ردّ المظالم إلى أصحابها. ومما يُستعان به على التّوبة المبادرةُ بها عقب الذنب مباشرة، واتباعُ السّيئة حسنة، وفعل الطّاعة بعد المعصية.
فلا شيء يُطهّر قلب الإنسان أكثر من توبته الصادقة، حيث تطهره من الذنوب التي قام بها، فمن تاب عن ذنب كمن لا ذنب له، كما ذُكر في الحديث الشريف، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ).

- ادعمي التوبة الصادقة بكثرة الاستغفار والحسنات الماحيات والأعمال الصالحة، كل ذلك كفيل أن يمحي ذنوبك، وتتبدل سيئاتك حسنات، روى البخاري في صحيحه، عن عبدالله بن مسعود –رضي الله عنه – قال: أصابَ رجلٌ من امرأةٍ قُبْلَةً، فأتى رسول الله –صلى الله عليه وسلّم – فذكرَ لهُ ذلكَ، فأنزلَ الله: "وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" {هود: آية 114} فقال الرّجلُ: ألِيَ هذهِ؟ قال: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمّتِي".

- اختاري العبادة أو النافلة التي تحبينها وأكثري منها، كما ذُكر في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري أن الله تعالى يقول: (وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه).

- ذكّري نفسك بأهمية وثواب التزام الإنسان في مرحلة الشباب، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: [سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه]، فاعملي جاهدةً أن تكوني من هؤلاء السبعة "شاب نشأ في عبادة الله".

فيما يخص سؤالك الرابع: (كيف تحمين نفسك من الحسد؟)
ستجدين الجواب في الموقع من أهل الاختصاص.
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/17661/
https://www.google.com/amp/s/islamqa.info/amp/ar/answers/11359

أما بما يتعلق بموضوع نتف الشعر وزيادة الوزن: فأريد التنويه هنا إلى أنه غالبا ما تترافق هذه النوعية من المشكلات لدى الشخص مع وجود قلق وتوتر كبير لديه، وعدم تفريغهما بشكل صحي، مما يدفعه للتفريغ غير الصحي عن طريق نتف الشعر أو الأكل الزائد، لذا أنصحك بوضع يدك على أكثر المواضيع التي تشغل ذهنك وتُقلقك هذه الفترة، ومن ثم قومي بتفريغ ما يجول بداخلك إلى شخص مقرب لك، فهذا سيخفف كثيرا من توترك، وأيضا ممارسة الرياضة من الأشياء الهامة التي تساعد الإنسان على تفريغ طاقته بشكل صحي، مما سيجعلك تلاحظين أنّ عادة نتف الشعر والأكل الزائد ستقل لديك تدريجياً مع الوقت.

أتمنى أن أكون قد أفدْتُكِ، ولا تترددي في مراسلتنا مجددا إن كانت لديك أية استفسارات أخرى، دُمت برعاية الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً