الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجت رجلاً فأجبرته زوجته الأولى على طلاقي.

السؤال

السلام عليكمك..

تزوجت منذ سنة بزميلي بالعمل، دون علم زوجته، وعلى علم بكل عائلتي وزملائي وأولادي، وكنت أتنازل له عن حق المبيت والصرف لكي لا ألحق به أي مشاكل إلى أن يبلغ زوجته.

بعد عام قرر أن يبلغها فما كان منها إلا الإهانة والألفاظ غير الملتزمة، وأهانته في بيتي وصممت على طلاقي، وهو لا حول له ولا قوة، ونفذ طلابتها لأنها سليطة اللسان، وتهدده بأولاده، وأن ما فعله فعل فاضح، رغم أن الزواج كان شرعياً.

السؤال: ما جزاؤها وجزاؤه؟ وكيف لي أن أسترد حقي؟ لأني أدعو الله يومياً أن يبرد قلبي لما لحق به من ظلم وإهانة، وأنا استعنت بالصلاة الإبراهيمية، هل لي منها من تحقيق ما أتمنى من رجوعه لي، ونطقه الحق، وأن يرد لي كرامتي؟

أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يعوضك خيرًا، وأن يُلهم زوجك السداد والرشاد، وأن يهديَ زوجته الأولى لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن الذي حدث لا يُقبل من هذا الزوج، ولا يُقبل من زوجته، ولكننا ننصح مَن تتواصل مع موقع شرعي بأن لا تُقابل السيئة بمثلها، وأن ترفع أمرها إلى الله تبارك وتعالى، وعليها أن تُدرك أن الكريم الوهاب العليم البصير لا يحتاج إلى أن نُخبره بالتفاصيل، فهو الذي يعلم السرَّ وأخفى، وهو الذي ينصر المظلوم، فنوصيك بالتوجّه إلى الله تبارك وتعالى، وحقُّك لن يضيع لا في الدنيا ولا في الآخرة، فاثبتي على هذا الخير، واعلمي أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى.

نحن في مثل هذه الأحوال لا ننصح بالمواجهة المباشرة أو بإعلان العداء، لأن هذا يزيد الأمور تعقيدًا، ولكن حسبك أنك لم تُخطئي، فديري هذا الخلاف بمنتهى الهدوء، وإن كان في الزوج خيرٌ فسيعود إليك في يومٍ من الأيام، وإذا لم يكن فيه خيرٌ وليس عنده قرار فاحمدي الله الذي خلَّصك منه، ونسال الله أن يعوضك خيرًا.

أرجو أن تُدار الأمور بمثل هذا الهدوء وبمثل هذا الوعي. طبعًا من حق كل مظلوم أن يجهر بمظلمته، ومن حق كل مظلوم أن يدعو ربّه، والله تبارك وتعالى ينصر المظلوم ولو بعد حين، فالظلم وقع عليك فعلاً، وتطاول تلك المرأة عليك لن يعود عليها إلَّا بالشر، فالمكر السيئ لا يَحِيقُ إلّا بأهله.

الحمد لله الزواج كان زواجًا شرعيًّا، وكان بالطريقة الصحيحة، وأنت مشكورة على النوايا الحسنة وعلى تنازلك عن بعض حقوقك كزوجة، وكلُّ هذا سيكون في رصيد الحسنات عندك، فإن هذه المرأة تُعطيك من حسناتها، وتحملُ عنك من سيئاتك أيضًا، فاجتهدي في التسلُّح بالصبر، والتزام الهدوء، حتى تربحي في الدنيا وفي الآخرة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

نؤكد أن الصلاة الإبراهيمية – إذا كنت تقصدين: اللهم صلِّ على محمَّد وعلى آل محمد – فهي مُقدمة لكل دعاء، يعني: من السُّنّة أن يبدأ الإنسان بالثناء على الله ثم يُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرفع حاجته إلى قاضي الحاجات سبحانه وتعالى.

أنا أعتقد أن حكمتك في إدارة الخلاف وحفظك لحق هذا الزوج رغم تقصيره من أهم ما يُقرِّب فكرة العودة إلى حياته الصحيحة، وسيعلم من هذه الزوجة أنك جديرة، يعني: سوء تعامل الزوجة سيكشف له عن طيب معدنك وأنك امرأة متميزة، فإن كان فيه خير فسيأتي، وإلَّا فأبواب الخير واسعة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً