الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما خطبت أجابه بالرفض الدائم، على ماذا يدل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في العشرين من عمري، والحمد لله مستقيم ولا أزكي نفسي على الله، بدأت بالبحث عن الزوجة الصالحة، بصعوبة وجَدَت والدتي العديد من الفتيات ولكن دائماً يكون الرفض منهن، البعض يبرر سبب الرفض، بأنني متشدد ومتعصب، ولحيتي طويلة بعض الشيء دون أن يعرفونني أو يكلمونني، فقط بمجرد رؤية الصورة، والبعض الآخر يقول: إنهم قد استخاروا الله ولم يجدوا خيرا، وهذا كله يحصل في يومين أو ثلاثة، علما بأنه فُرض علينا العيش في دولة غير عربية، والثقافة الأوروبية سائدة فيها.

بعض الإخوة أشار علي إلي بالذهاب لأحد الشيوخ؛ لاعتقاده أنني مسحور، رفضت الفكرة لخوفي أن يكون عرافا أو دجالا واكتفيت برقية نفسي، والمحافظة على الأذكار اليومية.

أعلم أن هذا قدر ونصيب، ولكن أحيانا يصعب علي الأمر، وأشعر بالضيق، وأصبر نفسي على طاعة الله واجتناب الحرام، أسألكم النصيحة والدعاء لي بالثبات والزوجة الصالحة، بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول: إن حياة الإنسان تسير وفق ما قضاه الله وقدره، لا يخرج شيء من تفاصيل الحياة عن ذلك، ومنه الزواج، فالله تعالى قدر لكل إنسان الوقت الذي سيتزوج به، والفتاة التي ستكون شريكة حياته، وأنت -أيها المبارك- لا زلت في مقتبل عمرك، ولعل رفض تلك الفتيات أو أهلهن فيه خير لك، لذلك صرفهن الله عنك، فلا تحزن؛ لأن تقدير الله لعبده المؤمن كله خير له، عرف ذلك أو لم يعرف.

استمروا بالبحث عن المرأة الصالحة التي يتوفر فيها الصفات التي أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها بقوله: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب، فلا خير في زوجة لا دين لها ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

إن وجدتم الفتاة التي توفرت فيها الصفات المطلوبة، فقبل أن تتقدم لأهلها صل صلاة الاستخارة وادع بالدعاء المأثور ثم اذهب إلى وليها، فمن وكل أمره لله تعالى ليختار له ما يراه فإن الله لن يخيب ظنه، فاختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

من علامات اختيار الله أن تسير الأمور بيسر وسهولة، ولا يحدث اختلاف بينك وبين أوليائها، ومن علامات أن الله صرفها عنك وأنها لا تناسبك أن تتعقد الأمور، وتنسد الأبواب فلا يوافقون، فلا تحزن أبدا، بل اعلم أن الله هو الذي صرفها عنك، وإن لم تجد في البلد الذي أنت فيه، فابحثوا في بلدكم الأصلي فلعلك تجد المرأة الصالحة -بإذن الله تعالى-.

اعلم بارك الله فيك أن الزواج لا يأتي بشدة الحرص، ولا يفوت بالترك، بل متى جاء الوقت تيسرت الأمور بإذن الله تعالى.

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يرزقك الزوجة الصالحة، وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اجتهد في تقوية إيمانك أكثر من خلال كثرة العمل الصالح فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، ومن ذلك أن ييسر الله أمورك قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

اطلب الدعاء من والديك، فإن دعاء الوالد لولدة مستجاب كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة.

أكثر من تلاوة القرآن الكريم واستماعه فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ; أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وحافظ على أذكار اليوم والليلة ففي ذلك طمأنينة للقلب وحرز من شر كل ذي شر.

لا توهم نفسك بأن هذا نوع من السحر، بل الأصل أن السحر غير موجود كونه أمر غيبي، واستمر برقية نفسك صباحا ومساء بما تيسر من الآيات والأدعية، فإن بذلتم جهدا في البحث مع العمل بما ذكرته لك سابقا، واستمر الرفض من قبلهن أو أهلهن، فلا بأس أن تبحث عن راق أمين وثقة يكون مشهورا ومعروفا بعلمه وتقواه، فتطلب منه أن يرقيك ليستكشف حالتك، فإن تبين أنك مصاب بسحر فابدأ بالرقية واستمر على ذلك حتى يزول بإذن الله تعالى.

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً