الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكن إقناع معلم ملحد لا يؤمن بالدين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب أدرس هذا العام عند معلم ملحد، في أول حصة ندخل عنده بدأ يسألنا عن الدين الإسلامي، وماذا نعرف عنه؟ ولم يكن متفاجئا، كون أغلب التلاميذ لم يقرؤوا كتابا عن ديننا الإسلامي (باستثناء القرآن الكريم)، وهكذا بدأ يقول لنا أشياء علمية ومراجع موثوقة، بأن هذا الدين وجميع الأديان الأخرى هي فقط خزعبلات لا أساس لها من الصحة، وأن هذا كله فقط سياسة من طرف الأمويين، وبأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يكن نبيا، ولم يكن حتى في مكة، بل كان في منطقة أخرى قرب الأردن.

قدم لنا دلائل عديدة مثلا: أن القرآن هو ليس كلام الله؛ لأن فيه سب وشتم لله تعالى -(وأعوذ بالله من هذا)- لكنه صرح بأنه يؤمن بالله، وأن الله لا يعاقب، وليس هناك جنة ونار، وهناك نسختان من القرآن ورش وحفص، وكون هذا الأخير (حفص) هو مجرد كاذب، وفي النهاية أود أن أعرف كيف أقنع هذا المعلم لعله يرجع للطريق الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على دينه حتى نلقاه، ونشكر لك -أيها الحبيب- غيرتك على دينك وحرصك على إنقاذ هذا المعلّم ممَّا هو فيه من مظاهر الكفر، ولا شك أن الدعوة إلى الله تعالى من أعظم الأعمال التي يُمارسها المسلم في هذه الحياة، وقد قال الله سبحانه في كتابه: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين}.

ولكن هذه الدعوة تحتاج – إلى عُدة وسلاح، فهي معركة مع أعداء الله تعالى من الشياطين -شياطين الإنس وشياطين الجنِّ- فتحتاج إلى العُدة والسلاح الذي يُستعملُ فيها، فهو سلاح العلم والحجج والبراهين، وممَّا لا شك فيه أن العقلاء يُدركون خطورة أن يدخل الإنسان معركة بلا سلاح، فإنه يُعرِّضُ نفسه للهلاك والتلف، من أراد أن يخوض حربًا فلابد أن يتزوّد لها، وهكذا ينبغي أن يكون الحال في دعوة أصحاب الشُّبه والذين يقدرون على تزيين الباطل وتزييف الحقائق، لابد لمن يُناظرهم ويقف أمامهم أن يكون متسلِّحًا بالعلم، متزوّدًا بالحجج والبراهين التي بها يدحضُ شُبهات هؤلاء المبطلين.

ولهذا نصيحتُنا لك أن تبدأ أولاً بتعلُّم دينك لتحفظ نفسك من هذه الموجات الكُفرية التي تتسلَّل بين أبناء المسلمين فيقع في شِراكها ضِعافُ الإيمان. احفظ نفسك أولاً وتعلَّم دينك، واحرص على صحبة الصالحين العالِمين بدينهم، واحفظ قلبك من أن يُلقي فيه هذا المُعلِّم شُبهًا لا تجد جوابًا لها فيتمكَّن هذا الباطل في قلبك.

واعلم أن كلَّ ما يَهْذِي به هذا المُعلِّمُ وغيرُه من الباطل والزيف ثمَّ من الأدلة والبراهين ما يدمغ هذا الباطلُ ويُزْهِقُه، ولكن قد تعلمه أنت وقد لا تعلمه، فالواجب عليك أولاً أن تتسلَّح بالعلم، وتقوّيَ الإيمان بمعرفة دلائل الإيمان وبراهينه، ثم بعد أن تتعلَّم ما يحميك ويقيك من شرور هؤلاء الشياطين لا بأس أن تتعرَّضَ لمناقشتهم والجدال معهم بقصد ردِّهم إلى الحق.

ونحن نقول هذا تقديرًا للظروف التي أنت فيها، فأنت لا تزال صغير السِّنِّ قليل الخبرة بهؤلاء وبشبهاتهم، وليس لديك من العلم -فيما نظُنُّ- ما يكفي أن تدرأ به أباطيل هؤلاء، لهذا نصحناك بما سبق. وإذا أردتَّ الاستزادة في معرفة كيفية ردِّ شُبه الملحدين فهناك كتبٌ كثيرة أُلِّفَتْ في هذا المجال، ومن أحسنها كتاب (شموع النهار) للشيخ عبد الله العُجيري، وهو موجود على شبكة الإنترنت.

وهذا الرجل (المعلِّم) يَهْذي بالباطل ويتكلَّم بما لا يعقل، فكيف يؤمن بالله -سبحانه وتعالى- ثم يُؤمن في الوقت ذاته بأن الله تعالى يخلق هذا الخلق عبثا بلا حاجة ويتركهم بلا هداية دون أن يُبيِّن لهم لماذا خلقهم وماذا ينتظرهم بعد الموت؟ هذا تناقض عجيب، وإذا كان يؤمن بأن الله تعالى لا يفعل شيئًا عبثًا فكيف بيَّن الله تعالى إذًا لهؤلاء العباد ما يُريدُ منهم، وما ينتظرهم بعد الوفاة، ومَن تولَّى هذا البيان؟ مَن هم الواسطة بين الله تعالى وبين هؤلاء البشر؟ إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة، لكن كلُّ هذا كلامٌ يحتاجُ منك إلى علمٍ سابق، آثارنا ألَّا نخوض معك في التفاصيل.

نسأل الله تعالى أن يهديك وينفع بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات