الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على مشارف سن الأربعين ولم أتزوج!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 38 عاما، تقدم لخطبتي شاب ولمرة واحدة فقط عندما كان عمري 22 عاما، وكنت في آخر فصل دراسي في الجامعة حيث كان على قدر من الخلق والدين والسمعة الطيبة والأخلاق الحميدة، ورأيت مدى إعجاب أمه وأخته لي حينما تقدموا لي رسميا ومدى تمسكهم بي أيضا، إلا أنني كابرت ولم أوافق على الزواج حيث لم أشعر بالارتياح فصليت الاستخارة وشاورت إخوتي وصديقاتي والكل أجاد عليه رغم ذلك قلت في نفسي لن أتسرع وأرتبط بأول خاطب لي.

منذ ذلك الحين لم يتقدم أحد لخطبتي مرة أخرى وإلى يومنا هذا، رغم أنني على اختلاط واسع بكل من حولي، كذلك فالكل من أفراد أسرتي قد تزوج وأنجب وكون أسرة مستقلة، والآن أنا أشعر بالندم والحزن الشديدين، وانتابتني حالة من العذاب والألم والأرق والوساوس والذعر لا تفارقني مطلقا، إذ ألم بي إحساس بأن هذا الشخص كان من نصيبي وأنا رددته دون عذر مقنع، ولهذا فإن عقاب رب العالمين قد حل بي ونزل علي، وأنا لا أود أن أكون أي علاقة محرمة، بالإضافة إلى أن ابنة عمي قد رأت حلما يتعلق بي مضمونه أن أحدهم قد عمل لي سحرا حتى لا أوفق في حياتي سواء على المستوى الشخصي أو بشكل عام، لذا لجأت إلى قيام الليل والالتزام بقراءة سورة طه وبشكل يومي ولم أر أي تغير في حياتي.

أود منكم مساعدتي، ووفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Muna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يُقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

ينبغي أن تعلمي – أختنا الكريمة – أن كل شيء في هذه الحياة يمضي وفق قدر الله تعالى، فلا يقع شيء إلَّا وقد قدره الله، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس))، يعني: حتى المواقف التي يقف فيها الإنسان موقف عجز وفشل وتضييع للفرصة هي أيضًا بقدر الله، وأن الله قد قدّر أن يقع منه ذلك الموقف، كما أنه إذا وقف موقفًا كان فيه حازمًا وذكيًّا وحرص على مصلحته، ذاك أيضًا بقدر الله تعالى.

إذا آمن الإنسان بقضاء الله وقدره ارتاح قلبه، فإنه يعلم يقينًا أنه لا يمكنه أن يدفع قدر الله تعالى الذي كتب أن يقع، ولهذا يُخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم عن هذه الحقيقة، وأن الإيمان بالقضاء والقدر دافعٌ للأسى والحزن الذي قد يُصيب الإنسان إذا فاته ما يُحب، كما أنه دافعٌ للكبر والغرور إذا هو توفَّق وأصاب ما يُحب، فيقول سبحانه وتعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلَّا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير* لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.

فلا ينبغي أن تُكثري الحزن كثيرًا لما جرى فإنه قضاء الله وقدره، وقضاء الله تعالى يكون وُفق رحمته سبحانه وتعالى ولطفه بعباده، فما يُدريك أنك لو تزوجت بهذا الرجل كان هو الخيار الأمثل لك، وأنك لن تقعي في مصائب وآلام أعظم ممَّا أنت فيه الآن من عدم التزوج، فلا يعلم الإنسان ما يُخفيه الغيب، والله تعالى يقول: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نصيحتُنا لك تتلخص في أمور:

الأول: أن تُحسني الظن بالله تعالى، فإنه يقول في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء))، فظُنِّي بالله خيرًا، وأنه يُقدّر لك الخير، إن كان الخير في أن تتزوجي سييسر لك الزواج، وإن كان الخير في خلافه فإن قضاء الله تعالى ماضٍ لا محالة.

ثانيًا: خذي بالأسباب المشروعة للزواج، وذلك بأن تطلبي من النساء الصالحات الطيبات، وأنت قد وصفت بأن معارفك كثُر، حاولي أن تستعيني بهؤلاء النساء والفتيات في البحث عن الزوج المناسب، وهذا ليس فيه عيب، ولا إخلال بمروءة أو شرف أن يستعين الشخص بمن يُعينه على الوصول إلى الزواج، وحاولي أن تستعيني بأقاربك الذكور، فإذا كان الله تعالى قد قدّر لك الزواج فهذه الأسباب تكفي للوصول إليه، وإذا لم يكن ذلك فاعلمي أن الله تعالى إنما يصرف عنك شيئًا لعلمه سبحانه وتعالى بأن الخير لك في صرفه ومنعه.

أمَّا ما ذكرت عن ابنة عمك وأنها رأت حُلمًا لك فهذه مجرد أحلام لا ينبغي أن يُعوّل عليها، ولا يُلتفت إليها، وقد أحسنت في الإكثار من قراءة القرآن والفزع إلى الصلاة في الليل، وهذا خيرُ ما تفعلينه، فعلِّقي قلبك بالله، ولكن لا نعلم دليلاً يدلُّ على تخصيص سورة طه كل ليلة، فأكثري من قراءة القرآن عمومًا، وأكثري من قراءة سورة البقرة.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الكاميرون محمد فنامي

    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا... إنه جواب مقنع معتمد على أدلة تطمئن لها القلوب... من المستحيل أن يتم حدوث أمر خيري أو شري دون قدر الله وعلمه السابق بذلك سبحانه. وينبغي للمرء أن يستخير الله تعالى في أموره كلها قبل الإقدام على أي منها، وإذا وفقه الله بالقيام بذلك الأمر، فليتوكل على الله وليثق به في جميع يصدر من العواقب، لأنه ليس في ذلك إلا ما هو له "والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً