الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غصة أثناء الأكل تطورت لمشكلة نفسية في البلع!

السؤال

السلام عليكم
نشكر جهودكم في الموقع
يرجى تمرير سؤالي إلى الدكتور محمد عبد العليم

بدأت مشكلتي منذ 3 أشهر تقريباً، وهي عندما كنت آكل ذات ليلة غصصت بالطعام، حيث بدأت أفكر بذاك الموضوع، وصرت أراقب نفسي عند الأكل، وأصبح أكلي يخف شيئاً فشيئاً، وصرت أختار الأطعمة السهلة، ومن ثم تطور الأمر للسوائل، حيث في نهاية المطاف أصبحت لا آكل ولا أشرب؛ حيث إن أكلي خف شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح شبه معدوم، ومع الوقت ظهر مع الخوف من البلع مجموعة أعراض، مثل كثرة بلع الريق المستمرة، والشعور بشد في منطقة البلع في الرقبة من الأمام، وسماع صوت طقطقة في الأذن أثناء البلع، وتأخر في البلع، حيث إن اللقمة لا تنبلع باللحظة المطلوبة، أو مثلاً عند شرب الماء ينزل قبل أن أبلعه أو أضطر لأن أخرجه، لأنه لم ينبلع ولكي لا أشرق.

صراحة لا أعلم كيف أتخلص من هذه الأعراض المرافقة لصعوبة البلع؟! وأيضاً كيف أتغلب على صعوبة البلع؟

علماً أنها تزداد مساءً، لا أدري لماذا! وفي وقت الصباح تكون أخف من المساء، وهذا شيء محير.

أرجو أن تفيدوني في مشكلتي، وسبب هذه الأعراض، وكيف أتعالج؟ أدرك أن الموضوع بدأ نفسياً، ولكن حالياً أصبح نفسياً وجسدياً، حقيقة أصبح حلمي أن أرجع آكل وأشرب.

علماً أنني تحسنت عما قبل، فصرت آكل وأشرب بحذر شديد، ولكن مع وجود الصعوبات التي ذكرتها، وهي الشد في منطقة البلع، وتأخر البلع وطقطقة الأذن، وازدياد صعوبة البلع مساءً.

راجعت العديد من الأطباء، باطنية وأعصاب وهضم وأنف وأذن، ومع عدة فحوصات تبين أن لدي ارتدادا في المريء.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

لديك استشارة أجاب عليها الأخ الدكتور عطية إبراهيم محمد قبل 12 يومًا تقريبًا، وها أنا إن شاء الله تعالى أساهم بما يفيدك.

أولاً أخي الكريم: لا بد أن نُدرك جميعًا أن الله تعالى قد خلق هذا الإنسان وخلق هذا الجسد في أحسن تقويم، شيء عجيب حقيقة، شيء عظيم، إذا نظرت مثلاً إلى المريء تجد أن عضلاته من أقوى العضلات، وله صفة مطّاطية قويّة جدًّا، إذًا هو مدخل للطعام دون أي إشكالية، أنا أعتقد في بعض الأحيان مفاهيمنا الخاطئة عن أجسادنا هي التي تضرُّ بنا وتجعلنا نوسوس ونؤوّل أشياء غير موجودة، وتبني لدينا المفاهيم الخطأ، ومن ثم يتولّد القلق والخوف والوسوسة.

أنا أؤكد لك أن المريء يستوعب الطعام بكفاءة عالية جدًّا، والعلاقة أيضًا بين مجرى التنفس والبلع شرحها لك الأخ الدكتور عطية – جزاه الله خيرًا – بصورة ممتازة جدًّا.

أرجو أن تُصحح مفاهيمك، أن الناحية التشريحية في جسدك خُلقت بصورة تُسهّل علينا البلع، وبعد عليك أمور بسيطة: حين تبدأ تناول الطعام ابدأ بأن تقول: (بسم الله)، هذه فاتحة عظيمة لكل أداء، واعترافٌ وشكرٌ للنعمة، وتتخير الأطعمة المعقولة، ودائمًا تُقارن نفسك بالآخرين، لا يوجد أي اختلاف بينك وبين الآخرين، الطفل يأكل، الكبير يأكل، ذي الشيبة يأكل، وهكذا.

إذا صححت مفاهيمك ستقترب تدريجيًا من تناول الطعام بصورة طبيعية، نعم حدث لك ما حدث من تلك الغصة وتكوّنت لديك مخاوف وسواسية، لكن اطمئن تمامًا أن الأمر في غاية السهولة، فحقّر فكرة المخاوف هذه.

أريدك أيضًا أن تنخرط في تمارين استرخائية؛ لأن التمارين الاسترخائية حقيقة تُقلل الانشدادات العضلية، التوتر والقلق والوسوسة التي لديك الآن أدَّت إلى شيء من التوترات العضلية حتى حول الجهاز الهضمي، حتى موضوع ارتجاع المريء وخلافه أصلاً القلق والتوتر يلعب فيه دورًا؛ إذًا: تدرَّب تدريبًا جادًّا على تمارين الاسترخاء، وتوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب يمكن أن تستفيد منها للتدرب على هذه التمارين.

الأمر الآخر أخي الكريم: يجب أن تصرف انتباهك عن هذه المشكلة، صرف الانتباه يكون بأن أشغل نفسي بأمور أخرى أكثر أهمية، لأن تناول الطعام أمرٌ فطري وطبيعي ومعظمه لا إرادي حقيقة، البلع فيه شيء من اللاإرادية، هضم الطعام ليس إراديًّا، الإخراج ليس إراديًّا، فإذًا اصرف انتباهك لأشياء أخرى.

النقطة الأخيرة هي: لا بأس أن نصف لك أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، من أفضل الأدوية الدواء الذي يُسمَّى تجاريًا (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، تبدأ في تناوله بجرعة صغيرة، وهي: نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تناول حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين.

هناك دواء آخر يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) ويُسمَّى علميًا (سولبرايد) تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً