الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب شعوري باضطراب شخصيتي بعد التعرض لمرض عارض؟

السؤال

السلام عليكم.

أشعر أن استجابة أعصابي وعقلي للأمور تغيرت أو اضطربت، وكذلك إحساسي بنفسي وشخصيتي، والأعراض هي عدم القدرة على الكلام بشكل جيد، ورد فعلي مضطرب كأنني غير متحكم فيه، وتعبير وجهي مثل الابتسامة وطريقة الكلام والصوت، وتغيرات في مستوى الذكاء والإدراك، أشعر أني لست كالسابق.

ظهرت هذه الأعراض فجأة بعد إعياء وقيء، بعدها فوجئت بتغيرات في وعيي وتفكيري ومستوى إدراكي، يصعب وصف حالتي، صار عقلي يتابع كل شيء، ويعطيني انطباعا غير متناسق مع الحدث.

أنا قلق ومكتئب عادة، الخلوة والعزلة لا تريحني، هذه الشخصية ليست شخصيتي، لا أستطيع إدراك حالتي النفسية، كل ذلك حصل بسبب أعراض جسدية حسبتها مرضا خطيرا، مثل بطء النبض وبطء التنفس، وجمود أو إحساس بفقدان الأعصاب والطاقة العصبية، خدر وتنميل وإحساس أني تحت تأثير مخدر، وخمول شديد جدا كأني أتعرف على نفسي من جديد.

أعامل الجميع بنمط ثابت، لأنني فقدت الشعور تجاه المقربين أو المعارف، أعرفهم لكني منفصل عنهم، أو عقلي لا يتصرف بطبيعة علاقتي بهم، أمشي في الشارع غير منتبه، ولا أشعر أني في مكان عام، ولا أنتبه لمظهري أمام الناس، علما أن نتائج الرنين المغناطيسي والتحاليل سليمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

كثيرًا ما تحدث تغيرات نفسية متعددة لبعض الناس بعد الإصابة ببعض الأمراض الجسدية، خاصة إذا كان منشأ المرض منشأً فيروسيًّا، والتغيرات تكون على شاكلة مختلفة، (شيء من القلق والتوتر، عدم التأكد من الذات، مخاوف، وسوسة).

كل الذي ذكرته – أيها الفاضل الكريم – يحدث أحيانًا لبعض الناس بعد الأمراض الجسدية الحادَّة كما ذكرتُ لك، لكن -بفضل من الله تعالى- هذه الحالات تتحسَّن وتتلاشى الأعراض تدريجيًا مع مرور الوقت، وطبعًا ما حدث لك هو نوع من عدم التكيُّف، وعدم التكيُّف دائمًا يكون وقتيًّا -إن شاء الله تعالى-.

فحوصاتك العضوية سليمة، والتغيرات النفسية التي ذكرتها أنا أعتقد أنها سوف تتغيّر وسوف تتلاشى. حالات الإجهاد النفسي التي تتبع الإجهاد الجسدي معروفة كما ذكرتُ لك.

كل الذي أطلبه منك هو: أن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، وأفضل وسيلة للراحة هي النوم الليلي المبكر وتجنب السهر، وعليك أيضًا بأن تمارس تمارين رياضية، وتُطبق بعض تمارين الاسترخاء، هذه مفيدة جدًّا، تُوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح الكيفية التي يمكن أن يمارس بها الإنسان تمارين الاسترخاء.

وحاول أيضًا أن تُحسن إدارة وقتك، تُخصص وقتًا لكل شيء، لدراستك مثلاً، للترفيه عن نفسك، لممارسة الرياضة، للعبادة – وهذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا – والتواصل الأسري أيضًا يجب أن تهتمّ به. أرجو أيضًا أن تهتمَّ بغذائك.

بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- سوف تتقلَّص هذه الأعراض النفسوجسدية وتنتهي تمامًا -إن شاء الله تعالى-.

هذه هي نصيحتي لك، وأنا متفاءل تمامًا أن الذي أنت فيه سوف ينتهي، ولا مانع من أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًّا، هذا سوف يعطيك -إن شاء الله تعالى- تأكيد أكثر على ما ذكرناه، وسوف يُمثِّلُ دفعةً نفسيَّةً إيجابيةً، وقد يصف لك الطبيب أيضًا أحد مضادات القلق البسيطة مثل عقار (دوجماتيل) والذي يُسمَّى علميًا (سولبرايد) بجرعة بسيطة، مثلاً: كبسولة إلى كبسولتين في اليوم لمدة أسبوع إلى أسبوعين، هذا قد يكون كافيًا جدًّا.

إذًا قسطٌ كامل وكافي من الراحة، وممارسة تمارين رياضية – كالمشي مثلاً – وتغذية سليمة، وحرص على العبادات خاصة الصلاة في وقتها، وتفاؤل، والاستعانة بالله في كل شيء وعدم العجز، و-إن شاء الله تعالى- ترجع إلى ما كنت عليه فيما مضى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً