الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوصية بالصبر والدعاء لقضاء الدين وتفريج الكروب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شيخنا الجليل، سأحكي لك قصتي، أنا فتاة ملتزمة ومثابرة على التمسك بديني بالرغم من أنني من بيئة غير ملتزمة، ومكافحة منذ صغري ومعيلة لأمي وإخوتي، منذ 6 سنوات تركنا والدي لعدة ظروف وهي بنظر كثير من الناس لا تبرر له موقفه بالتخلي عن أسرته وعدم النفقة على أولاده وزوجته؛ لأنه لم يطلقها حتى الآن، فالسبب الوحيد الذي يبرر له موقفه أن والدتي صماء وبكماء، وأنه غير قادر على التماشي معها في الحياة، وأنه تركنا بدون نفقة لأنني ووالدتي ننفق على الأولاد والمنزل، وخطبت لابن خالتي ولي سنتان، وتم كتابة عقد الزواج بموافقة عمي (أخو والدي) ولكن لم نتزوج حتى الآن بسبب أن أبي قد أساء الكلام مع أهل خطيبي، وهم منذ البداية لم يريدوني، وكان السبب هو والدي أيضاً، وخالتي أم خطيبي لا تريدني مطلقاً لابنها ويدعون علي بالموت بأبشع الأمراض، وتبرر ذلك أن جدتي والدة أبي كانت مطربة وراقصة، وأنني لا أناسبهم، ولكن يا شيخي جدتي تابت لله عز وجل، وأنا علاقتي بها محدودة جداً، وهي في منطقة بعيدة عنا، وأبي مقيم معها، السبب الثاني أنني محجبة وخالتي أم خطيبي وبناتها لا يرتدين الحجاب، والسبب الثالث الذي اتخذوه ذريعة قوية أن والدتي صماء وبكماء، والسبب يا شيخي هو أن مرض السحايا أصاب مركز النطق والسمع لدى والدتي، وأفيدك علماً أن والدتي من أم وخالتي من أم أخرى.

وخطيبي مثال الأدب والأخلاق، وبقلبه مخافة الله ولا يقطع وقت صلاة، وليس استغلالياً، وهذا بعكس صفات أهله هداهم الله، والآن أرسله أبوه لدولة أجنبية وهو وافق أباه لعل وعسى أن يرضى بزواجنا، ولكن الحجة هو أن يدرس لكي ينظر للفساد وينساني ويطلقني.

وخطيبي يريد العودة لكي يتفق مع عمي على موعد الزواج ونرتاح من المشاكل؛ لأنه قادر أن يتحمل مثل هذه المسئولية بفضل الله، ولا أعرف ماذا أفعل ولا أستطيع أن أتخلى عنه لأنه سندي الوحيد، وهو يتحمل المصاعب لأجلي لكوني أحمل أعباء ومسئولية عائلة بأكملها ويساعدني قدر الإمكان ورغم أنه بالغربة.

والمشكلة الثانية: أنني نويت أن أشتري منزلاً لأمي وإخوتي؛ لأننا تنقلنا لمدة 25 سنة في منازل للإيجار وذلك لكي نرتاح من عقود الإيجار المنزلي ولكي أقدر أن أحل المشاكل التي بين أبي وأمي، وربما يغير أبي من تفكيره بعد أن أشتري منزلاً لهم يؤويهم وأكون بذلك خففت عنه من العناء وأحنن قلبه علي وعلى أمي وإخوتي، والحمد لله اشتريت المنزل بعد أن تراكمت علي الديون واختنقت من كترة الالتزامات ولم أجد أي حل لكي أخرج من ديوني غير السفر لدولة بعد العروض التي أتتني بسبب مؤهلاتي، ولكن صدمتي أن أبي رفض الرجوع لزوجته وأولاده وتحمل المسئولية رغم أنني عرضت عليه أن المصاريف والإنفاق هي على عاتقي، ورغم ذلك رفض، وتوعدني أنه سيطلق أمي ويأخذ إخوتي منها، وأنا لا أعرف ما هو الحل معه؟ ولا أحد يقدر أن يملي عليه شيئاً.

وأنا غرقت بالديون والمطلوب مني السفر لكي أقدر على إيفاء ديوني، أنا على ذمة رجل يسعى لسعادتي ولكنه في بلد أجنبي بعيد لا حول له ولا قوة، ولا أدري ماذا أفعل بموضوع والدي الذي بلغ من العمر الخمسين عاماً وأحاول أن أساعده ولكنه يرفض، وبموضوع خطيبي الذي أراه بصيص الأمل في حياتي ويجعلني أتمسك بالله عز وجل أكثر كلما ضاقت الدنيا بوجهي؟

أرشدوني للصواب لأنني تهت من شدة الهموم.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله وثبتها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك: (استشاراتك الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه ولياً ونصيراً، وأن يبارك لك في زوجك، وأن يملأ قلبه رحمةً بك، وأن يعينك على قضاء دينك وإكرام أهلك، وأن يعجل بزواجك.

وبخصوص ما ورد برسالتك فأوصيك أولاً وقبل كل شيء: بالصبر الجميل.

ثانياً: بالتضرع والدعاء والإلحاح على الله أن يُعينك على ما أنت فيه، وأن يصلح لك والدك، وأن يبارك لك في زوجك، وأن يرزقك القبول لدى أقارب زوجك، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فأكثري منه ولو بعدد أنفاسك وزفراتك.

ثالثاً: بخصوص والدك، أتمنى ألا تشغلي بالك به، ولا بتهديداته، وعليك فقط بالاجتهاد في الدعاء أن يصلحه الله، وأن يكفيكم شره، وإن شاء الله ببركة إخلاصك في الدعاء والإلحاح على الله سوف يصلحه الله ويكف شره، واجتهدي فقط الآن في قضاء ديونك وسداد قيمة المنزل الذي اشتريته، وحاولي التواصل مع زوجك وحثه على الصبر والاحتساب، وبيني ما له من الأجر على ذلك، وتأكدي من أنه ما دام صالحاً ويعرف دينه فلن يتخلى عنك ما دمت على ما ذكرتي من الطاعة والالتزام، وشاركيه معك في قراراتك، ولا تنفردي دونه بأي رأي أو قرار، ولا تجعليه آخر من يعلم، وإنما أطلعيه على كل الأمور أولاً بأول؛ حتى يشعر بأنك فعلاً تقدرينه وتحترمي رأيه، ولا تخالفي أمره ما دام في طاعة الله ورسوله، وأكرر: لا تشغلي بالك بأمر والدك، فهو وغيره لن يستطيع أبداً أن يفعل شيئاً لم يقدره الله، وما دمت تستعينين بالله وتتوكلين عليه وتُكثري من دعائه وسؤاله فلن ينالك أنت أو والدتك وإخوانك أي مكروه، وأبشرك بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يُسراً، وأن الشدة كلما اشتدت أوشكت على الانفراج وبإذن الله.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً