الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يريد الزواج من فتاة صغيرة والقانون يمنع ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لي صديق يريد الزواج من فتاة صغيرة، بعمر 12 سنة، وهو يحبها كثيراً، ويريد الزواج منها بسرعة، ولا يريد الزواج من غيرها، ولكن القانون في بلده لا يسمح بذلك، فماذا يفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الكريم- ورداً على استشارتك أقول:
الزواج لا يكون بموجب العاطفة والهوى، ولا يمكن للإنسان أن يتحكم فيه، بل هو سائر وفق قضاء الله وقدره، فإذا كان كل طرف قد كتب الله لهما الارتباط وأن يكونا زوجين فسيكون بإذن الله تعالى.

مما لا شك فيه أن تفكير هذا الشاب فيه عاطفة وتسرع، لأن ثمة عقبات تعترض زواجه، منها القانون المعمول به في البلد، ومنها هل سيوافق ولي أمر الفتاة؟ وهل سيرضى عنه أهله بهذا؟ وهل الفتاة موافقة على ذلك؟

على كل فإن القانون يراعي عدة أمور، منها البناء الجسدي للفتاة، ومنها قدرة الفتاة على إدارة البيت، كونها لم تنضج بعد، فيتسبب ذلك في مشاكل، وربما طلقت بسبب عدم قدرتها على القيام بمهامها على الوجه المطلوب، وكذلك قد تحمل وربما لسبب صغر سنها هذا إن كانت بالغة قد يتسبب ذلك في ضرر كبير عليها، وقد يتسبب في موتها.

الفتاة الصغيرة لا تزال بحاجة إلى رعاية وعناية، ومراعاة نفسياتها، والزوج إن كان كبيراً في السن فإنه قد لا يصبر على ذلك، وربما قضى وطره لمدة شهر أو شهرين ثم بدأ يتضجر من زوجته، فسولت له نفسه بقولها إلى متى تضل تدلل هذه الصغيرة؟! وربما ضربها وأضر بها، ولذلك لا بد من الالتزام بذلك.

إن كان حقاً يحبها ويريدها زوجة له فليصبر عليها خمس سنوات، وليتحمل تبعات ذلك فيما لو رفض.

لا أرى لهذا الشاب أن يعلق قلبه بفتاة بعينها، وإن كان عند هذه الفتاة بعض الصفات الحالية من جمال وغيره، فلعلها إن بلغت إلى سن الثامنة عشرة تتغير كل تلك الملامح، فملامح الإنسان تختلف من سنة إلى أخرى، ولو أنه بحث عن فتاة كبيرة لوجد عندها من الصفات مثل أو قريباً منها.

أخشى أن يكون هذا قد تعلق بها والتعلق فيه خطورة شديدة على الإنسان، لأنه إن لم يجد حاجته فسيصاب بنوبة حزن شديدة، ويتسبب ذلك في اكتئاب نفسي يجعل حياته جحيماً.

على هذا الشاب أن يفكر بعقل، ويبتعد عن العاطفة، لأن العاطفة لا تعطيه التصور الصحيح، وغالباً ما يندم الذين يفكرون بعاطفة بعد الوقوع في الأمر، ويندمون ندماً شديداً ولات ساعة مندم.

نوصيه أن يتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى أثناء السجود، ويسأل ربه أن يصرف قلبه عن هذا التعلق، وأن يرزقه الزوجة الصالحة التي يسعد معها، وتسعده، ويكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

عليه أن يلزم الاستغفار ويكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً