الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أريد الزواج خوفا من ماضي الفتاة الأسود.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي أني أكره كل البنات، ولا أريد الزواج، والسبب ما أراه في المجتمع من فساد وفسق، لأن معظم البنات أصبحن بنفس الشكل، ويرتدين ملابس فاضحة، ومعظمهن يدخلن في علاقات محرمة، وأنا لا أستطيع قبول ذلك، لم أدخل ولا مرة في علاقة، أريد الزواج من باب الحلال، لكن عندما أفكر في الزواج والفتاة التي سأتزوجها، أفكر قد يكون لها ماض أسود، ولكن الإسلام أباح للمرأة الكذب بخصوص ماضيها.

أخاف على كبريائي وعلى أولادي من أن يأتي شخص فعل معها شيئا ويقوم بشتمي بذلك الشيء، لهذا لا أريد الزواج، كرهت كل المجتمع، كيف يلعبون ببنات الناس، وأيضا البنات تافهات لدرجة كبيرة حتى يصدقن رجالا لا يعرفونهم.

أخاف أن أظلم زوجتي وأكرهها إذا تزوجت، لأنها لو اعترفت بماضيها لن أتقبلها، وإن لم تعترف أستمر في الشك، فهل الاستمرار في العزوبية حرام؟ مع العلم عندي احتياجاتي الخاصة، ولكن لا أريد الزواج من أجل العلاقة الزوجية فقط، فالمرأة ليست متاعا، ومعظم الشباب يتزوجون ببنات لا يعرفونهن حتى لا يزنون فقط، وأنا أريد حياة زوجية حقيقية فيها حب وثقة وكل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yasser حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكرك – أولاً – أيها الحبيب على قصدك الحسن ونيتك السليمة في كونك تريد أن تتزوَّج لا لقصد المتعة فقط، ولكن بقصد إنشاء حياة زوجية وتحصيل الذرية الطيبة، وهذه النية الحسنة والقصد الحسن ينبغي أن يكون متبوعًا بما يُحقق هذه المقاصد، ولذا فنصيحتُنا لك أن تُسارع بالزواج.

ولأهمية الزواج وتأثيره على حياة الإنسان وعلى دينه وردتْ النصوص الكثيرة من النبي -صلى الله عليه وسلم- آمرةً بالزواج مُرغِّبةً فيه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغضُّ للبصر)، والباءة يعني: الإنفاق، ويشمل كذلك معاشرة الزوجة.

وهذا أمرٌ من النبي -صلى الله عليه وسلم- للشاب القادر على الزواج، وهذا الأمر يكونُ للاستحباب في حق الإنسان القادر على الزواج والذي يخاف على نفسه الوقوع في الحرام، فهو مأمورٌ بالزواج استحبابًا. أمَّا إذا خاف الإنسان الوقوع في الحرام فإنه مأمور وجوبًا، فيجب عليه أن يتزوج ليُحصّن نفسه من الوقوع في معصية الله، وقال عليه الصلاة والسلام: (الدنيا متاع، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة)، ولمَّا سُئل عليه الصلاة والسلام عن أي المال خير للاتخاذ وللاكتناز؛ فقال عليه الصلاة والسلام: (أفضلُه لسانٌ ذاكر، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ مؤمنة تُعينه على إيمانه)، فهذا أفضل ما يكتنزه الإنسان في هذه الحياة، زوجة مؤمنة تُعينه على إيمانه، وقال: (من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة).

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ومن أعظمها بيانًا لمكانة الزواج في حياة الإنسان قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا تزوَّج العبد فقد استكمل نصف الدِّين، فليتق الله في النصف الباقي). فهذا يُبيِّن لك مكانة الزواج وأهميته.

وأمَّا ما تراه من مظاهر الفسوق والفجور عند بعض النساء؛ فهذا ليس عامًّا في كل النساء والفتيات، وليس صحيحًا أبدًا ما تذهب إليه من نظرتك إلى المجتمع بهذه النظرة المُعمِّمة للسوء، فلا يزال في الناس خير، فنصيحتُنا لك أن تحرص على اختيار الفتاة الصالحة عملاً بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، والبحث عنها سهلٌ يسيرٌ -بإذن الله تعالى-.

استعن بأهلك وقراباتك للبحث عن أسرة صالحة متدينة، وستجد -إن شاء الله تعالى- هذا كثيرًا، نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

وأمَّا ما ذكرتَه من حكم عيش الإنسان عزوبيًّا؟ وهل يحرم عليه ذلك أو لا؟ فقد بيَّنّاه لك سابقًا، أنه إذا كان يخشى على نفسه الوقوع في المعصية فهذا حرامٌ عليه أن يبقى بغير زواج، أمَّا إذا كان لا يخاف ذلك فليس بحرام، ولكنّه تاركٌ لأمرٍ مُرغَّبٌ فيه، وقد جاء بعض الناس إلى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولمَّا سألوا عن حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أرادوا أن يعتزلوا النساء، وألَّا يتزوجوا، فقال عليه الصلاة والسلام: (إني أخشاكم لله وأتقاكم له، ولكنّي أصومُ وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوَّجُ النساء، فمن رغب عن سُنّتي فليس مِنِّي)، فالزواج سُنّتُه -صلى الله عليه وسلم- وطريقتُه، فاحرص على إتمام دينك وتحصيل منافع الزواج، واستعن بالله تعالى، وسيوفقك الله تعالى لكل خير.

نسأل الله تعالى لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً