الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أسامح أهل زوجي وأبدأ معهم من جديد، أم ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

حدثت لي مشاكل كثيرة مع أهل زوجي، وتم مقاطعتي تماما لمدة سنة ونصف، وحتى السلام لا يردونه علي ونحن في نفس المنزل.

والآن بدون سابق إنذار جاؤوا قالوا لي: هيا لنتصالح ونتعامل كالسابق، ونأكل وجباتنا معا، المشكلة أنني تدمرت نفسيا وتألمت، وحتى الجيران قاطعوني وأصبحوا لا يدخلون علي؛ لأني في قطيعة مع أخت زوجي وبناتها.

الآن بعدما تأقلمت واستقللت بحياتي يريدون أن نبدأ كما كنا، وأنا متأكدة أن المشاكل ستعود وسأتأذى نفسيا للمرة الثانية، فأنا لا أتحمل أي إهانة أخرى منهم، ولا أريد أن أقول لا أستطيع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نُرحب بك أجمل ترحيب، عزيزتي، قرأت رسالتك أكثر من مرة، وتألمت لما آلت إليه الأمور بينك وبين أهل زوجك، وهذه المشاكل اعتدنا على سماعها ومعايشتها، ولن يتمكن أحد من التخلص من المشكلات العائلية أو إيقافها بصورة تامة، ولكن باستخدام مهارات الذكاء الاجتماعي، يمكن للزوجة إدارة الخلافات مع أهل الزوج بصورة ناجحة للفوز بعلاقة جيدة وإيجابية مدى الحياة.

وهذه المشاكل العائلية موجودة في كل بيت من بيوت المسلمين، حتى بيوت الأنبياء لم تكن خالية منها، ولكن المهم هو الطريقة والآلية التي نعالج بها هذه المشاكل، هل بروح التسامح والصبر، أم نسعى لتضخيم المشاكل من خلال تدخل أطراف خارجية؟! وهل العلاقة يسودها الاحترام المتبادل بين جميع الأطراف أم المناخ والأجواء تشبه ميدان معركة، وننتظر إعلان رابح وخاسر؟

ولا شك أن حرص أهل زوجك على المصالحة من علامات الخير والهداية.

أوصيك عزيزتي بهذه الخطوات لعلها تساهم في إعادة الود بينك وبين أهل زوجك، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه:-
تعاملي بحكمة وروِيَّة، ولا تضعي والدة زوجك وأخواته في كفة الاتهام والمقاضاة ولا تردي على ظلمهم وإساءتهم بالمثل، لأنك ستخسرين كثيرا، وستفقدين حبَّ زوجك واحترامه وتقديره لك.

اعلمي أن بره لأمه من أسباب سعادتكما؛ فالبر يتوارث، فلا بد من فتح صفحة جديدة بينك وبين أهله، ولا بد أن تنسى الإساءة، واعلمي أن الجنة غالية، والله تعالي يقول: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).

أما علاجُ مشكلتك وأخواته، لعل هناك من كان يوسوس لأخواته ليوقع بينكم العداوة والبغضاء، لذا فليس هناك دواء مثل الصبر عليهنّ، والإحسان إليهن، فتملكين قلب زوجك أكثر وأكثر، وتردين شرهم، وقال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، فكوني خلوقة ودودة، وبكل مميزاتك اكسبي زوجكِ وأهله واصبري عليهم قدر استطاعتك ولن يثمر الصبر إلا خيرا.

أنصحك أن تكرمي أهله إكرامًا له، وأن تتناسي كل إساءة حصلت؛ فالماضي ذهب ولن يعود، فلم نفتح صفحاته الأليمة؟ واعلمي أنك إن استقمت على طاعة الله وصبرت، فلن يضيعك الله أبدًا، وأبشري بكل خير، قال تعالى: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).

تعاملي مع كل موقف بهدوء وحكمة، واستجلبي محبتهم ورضاهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والتزمي الحوار الهادف والمقنع، والنصيحة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة.

اجتهدي باستمالة قلوب أخوات زوجك إليك واحتسبي أجر ذلك عند الله، وقابلي السيئة بالحسنة، ولا تضخمي المشكلات الصغيرة، وتذكري قول العزيز الجبار: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن...).

لا تكوني سببًا في قطيعة الرحم، أو معاداة أهل زوجك، وفي نفس الوقت من حقك أن تدافعي عن نفسك بطريقة مهذبة مع الحفاظ على علاقة طيبة معهم، لذا انصحك أنّ لا تجعلي من تلك الجلسة محاكمة لأجل وضع شروط وضوابط، أو لإجبارهم على الاعتراف بأخطائهم وطلب الاعتذار منك.

اجعلي في بداية يومك ونهايته وقتًا لقراءة القرآن، والتثقيف في النواحي الدينية، مثل: القراءة، أو الاستماع إلى برنامج ديني، وخصصي وقتًا لحفظ القرآن الكريم، أو قومي بالذهاب إلى المسجد للصلاة كلما أمكن.

أسأل الله أن يحفظك ويحفظ زوجك وأبناءك من كل سوء، وأن يزرع بينك وبين أسرة زوجك المودة والرحمة، والمحبة والاحترام.

يمكنك معاودة التواصل معنا إن احتجت لذلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً