الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أذهب لزيارة والدي المريض بالسرطان قبل وفاته فهل أنا عاقة؟

السؤال

السلام عليكم.

كانت علاقتي بأبي جيدة حتى أصبح عمري 9 سنوات، بعد ذلك سافر لمدة 11 عاما للعمل، كنا نراه مرة واحدة في السنة وأحياناً لا نراه، كانت علاقتي سيئة جداً به، وكان يعاملنا أنا وأمي وأخوتي بطريقة سيئة، وخلال سفره كان يتعرف على نساء من غير علم أمي، وينفق جميع راتبه عليهن، وتخلى عن مسؤولياته تجاهنا، عاد إلينا بعد أن فقد جميع نقودة ليعيش معنا، كان عمري 20 سنة، وكرهته بشدة، وكرهت وجوده معنا، كانت المشاكل تملأ معظم حياتنا.

عندما أصبح عمري 22 سنة تطلق هو ووالدتي، وترك المنزل، وبقينا معها، كان يخرج معي أنا وأخوتي ويقابلنا في المطاعم، ونقضي اليوم معه، ولكن بمجرد ما نطلب منه نقوداً للمدارس والجامعات كان يتجاهلنا ولا يرد على مكالماتنا، تكررت هذه المواقف، وكان يريدنا أن نبقى على اتصال معه، وأن نراه دائماً، ولكن كان يرفض تحمل مسؤوليتنا، ولذلك قطعنا التعامل معه كلياً.

علمنا أنه سافر مجدداً، وتزوج من امرأة أخرى، مررنا بأوقات مادية صعبة جدا، واضطررنا أن نترك مقاعد الدراسة لنعمل، لم نعلم عنه شيئاً لمدة 3 سنوات، حتى تواصل معنا أحد أصدقائه قبل 3 أشهر وقال بأن أبي يعاني من السرطان وفي مراحله الأخيرة، أردنا أن نتصل به، وأن نذهب لرؤيته، ولكن كنا جدا مترددين وخائفين، جاءنا اتصال قبل 4 أيام أنه توفي، شعرنا بالصدمة والحزن والغضب.

حتى الآن لا أعلم ما طبيعة مشاعري، أنا غاضبة منه ولكن أشتاق إليه، أشعر بالفرح لتخلصه من الألم، ولكن أتمنى أنه تواصل معنا وطلب منا أن نسامحه، وأشعر بالندم لأنني لم أره، وأخاف أن أكون عاقة له وأنه غضبان علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الكريمة- في موقعنا، ونسأل الله يحسن عزاءكم في وفاة الوالد، وأن يغفر له ويرحمه، والجواب على ما ذكرت:

- بما أن الوالد قد انتقل إلى رحمة الله فينبغي نسيان ما كان منه من تقصير في حقكم، والعفو والمسامحة لما كان منه، فلا جدوى أن يبقى في نفوسكم شيء من ذلك، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.

- ومن جانب آخر، ما كان ينبغي أن تترددوا في زيارته عندما أخبرتم بمرض الوالد وكان واجبا عليكم زيارته طاعة له، ورعاية لحالته الصحية، والقيام على شؤونه، ولكن الندم لا ينفع الآن، فقد فات الأوان، وقدر الله وما شاء فعل، وعليكم التوبة من هذا التقصير لأن هذا من العقوق، فمهما كان الأب مقصرا في حقكم، لا يجوز لكم التقصير في حقه، فهو أب لكم وحقه عليكم كبير، وإثم تقصيره على نفسه.

- ويمكن تدارك البر به بعد وفاته بالدعاء والاستغفار له، وأن تخرجوا عنه صدقة بنية ثوابها له إن قدرتم على ذلك، ولا تذكروا سيرة الوالد إلا بخير.

وفقكم الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات