الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية بر الوالدين بعد وفاتهم

السؤال

السلام عليكم..

أبي هجرنا، ولم يصرف علينا، وتزوج وأنجب من زوجته أبناء آخرين، وكان يميزهم عنا، ولا يزورنا إلا في بعض الأعياد عندما تكلمه أمي، أبي توفي قبل سنة، ولكن في كل مرة أتذكر الأمر وأبكي، ولا أستطيع أن أسامحه على حرمانه لنا من كل حق، والأصعب لم يترك لنا أي مصروف أو تركة بسبب ذلك، لم أكمل دراستي مع أنني صاحبة طموح، ما يزعجني نظرة المجتمع لنا، ولوضعنا بسبب ما فعله أبي، كل ذلك يقهرني بصمت.

سؤالي: هل سيعوضني الله عن ذلك، وكيف أتجاوز الأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م.و حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك اختي الكريمة في موقعنا، ونسأل الله أن يحسن عزاءكم في وفاة الوالد، وأن يغفر له ويرحمه، والجواب على ما ذكرت: بما أن الوالد قد انتقل الى رحمة الله، فينبغي نسيان ما كان منه من تقصير في حقكم والعفو والمسامحة لما كان منه، فلا جدوى أن يبقى في نفوسكم شيء من ذلك، ومن عفا وأصلح فأجره على الله، فلو جلستم تتذكرون ما حصل بهذه الطريقة سيزيد ألمكم ولن يتغير شيء، أما إذا سامحتموه فسيرضى الله عنكم ويرفع درجتكم ويجازيكم بالخير، فالله سبحانه وتعالى يقول: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) وإذا كان أجرك على الله فماذا ستخسرين؟ بل كل الكسب والربح في الأجر إذا تولاه الله.

يكون تجاوز ما حصل من تقصير، أو إهمال من الوالد، بأن تنسوا ما حصل؛ لأن تذكر الأمر سيكون سبباً في تكدر حياتك، ولابد من الدعاء للوالد بالمغفرة والرحمة، لأنه يبقى مازال له نعمة عليكم، لأنه كان سبباً في وجودكم، وإذا عفوتم عنه، فإن الله بكرمه وفضله سيعوضكم خيرا، فابشروا بكل خير.

ولاينبغي الالتفات، أو التفكير في نظرة المجتمع لكم، لأنه لا ذنب لكم فيما حصل، وإذا ذكر لكم كلام عما كان عليه الوالد، فقولوا لهم: قدر الله وما شاء فعل، ونسأل الله أن يعفو عن والدنا، وينبغي أن تجتهدوا في حياتكم بما يرضي الله تعالى، وسيأتي الله برزقكم؛ لأن الرزق مكتوب لكل من خلقه الله على وجه الأرض.

اجتهدوا في تغيير حياتكم للأفضل، بالمواصلة في الدراسة، حتى لو تأخر العمر، إن كانت متاحة، وعليكم بالتفاؤل ومعرفة أن ما عند الله هو خير في المستقبل، كذلك لابد من القناعة فهي مفتاح لكل خير، والقناعة نقصد بها القناعة القلبية وليست اللسانية، فكثير من الناس يقول إنه مقتنع بما أعطاه الله، ولكنه يقتل نفسه حسرة وألماً بالنظر لما في أيدي الناس، فالقناعة التي تؤدي دورها هي القناعة الحقيقية بمعرفة أن ما كتبه الله خير، وأن يسعى الإنسان في التعلم والرزق، فما أتاه فهو الذي كتبه الله، ولن يتغير في الكون شيء إلا بإرادة الله، هذه هي المعاني الحقيقية التي ينبغي للمسلم أن يعيشها في تفاصيل حياته، ثم الربح كل الربح في تنشئة الأبناء على تعاليم الدين وعلى ما يحبه الله، بتعليمهم الصلاة والقرآن، فهذه هي الثمرة الحقيقية للإنسان بعد وفاته.

كذلك عليكم بالبحث عن مصادر دخل بديلة، والسعي في الرزق، وسؤال الله من فضله، فهو صاحب الفضل، وأن تقوموا بدوركم الاجتماعي من زيارات للأقارب وصلة للرحم، ولا تجعلوا موضوع الوالد هو الموضوع الذي تدور حوله تفاصيل حياتكم، فالوالد بين يدي ربه، وعليكم بالدعاء له، وأنتم عليكم بتغيير حياتكم للأفضل.

نسأل الله أن يصلح حالكم، وأن يوفقكم لخير الدارين، وفقكم الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً