الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا أعمل مع أبي في تجارته ولا يعطيني ما يكفي

السؤال

أنا أعمل مع أبي ولكنه يظلمني فى الراتب والعمل ككل، بمعنى أني إذا عملت كمثال عملاً ب (٣٥٠٠) نحن متفقون على أن لي الثلث، وهو له الثلثان، مع أن هذا ظلم كذلك، لأني عامل العمل من الألف إلى الياء، وموافق عليه، فيأتي أبي ويقول لي: لك (٥٠٠) فقط، وهذا أقل من السبع.

أنا لا أريد أن أخسر أبي برفضي للعمل؛ لأن أبي يحب المال أكثر من أولاده، وبخيل أيضاً، ولا أريد أن أحدثه عن العمل بسبب بر الوالدين، لأني أكون في حال غضب حين أتحدث معه عن المال، ولا أستطيع الرفض لأي سعر هو يقوله، بسبب بر الوالدين.

لا أعرف ماذا أفعل؟ لأني أكره أني أظلم في أي شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذه الاستشارة التي تدلُّ على خيرٍ وعقلٍ ونُضجٍ، ونسأل الله أن يرزقنا جميعًا بِرَّ آبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد مماتهم، وأن يُلهمنا السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

أنا سعيد جدًّا بهذا الذوق الذي عندك، وهذا الحرص على إرضاء الوالد، واعلم أن الخمسمائة التي يُعطيكَ الوالد أبرك ممَّا هو أكثر منها إذا لم يكن الوالد راضيًا، بل إن بِرَّ الوالدين هو سبب في سعة الخير والأرزاق.

استمر على ما أنت عليه، واعلم أن حرصك على إرضاء الوالد والصبر عليه من أعظم أعمال البر التي تُؤجر عليها عند الله، وإذا تذكّر الإنسان لذَّة الثواب فإنه ينسى ما يجد من الآلام، وينسى ما يجد من المعاناة، ومن حق الإنسان أن يكره الظلم ويرفضه ويدفعه إلَّا إذا كان من أحد الوالدين، فإن التضحية من أجل رضاهم ثوابها عند الله عظيم.

ليس معنى هذا أنك لا تحاول محاولات أخرى بلطف مع الوالد أو مع الوالدة، بحيث يتحسّن هذا الوضع، لكن لو فرضنا أنه أصرَّ ولم يتحسَّن الوضع فاستمر على ما أنت عليه من البِرِّ، وأبشر بالخير، واجتهدوا في الاستفادة من الأموال التي عند الوالد لتكون نافعة لكم في مستقبلكم كأسرة، وفي مستقبلكم وحياتكم كأسرة، وذلك بحسن توجيه هذه الأموال إلى عقارات أو إلى أشياء نافعة.

لا شك أنك تعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يُنازع والده في أمر الأموال، فالولد والمال للأب، (أنت ومالك لأبيك)، ونتمنَّى أن تكون راضيًا بهذا، مع الاستمرار في المحاولات بلطف، يعني: لمَّا يعطيك خمسمائة تقول: (أرجوك أن تزيدها، أرجوك أبي كذا)، يعني بلطف، دون أن تكون غاضبًا، طالما أنت عرفت الوالد وعرفت حبُّه للمال وعرفت هذه الأشياء، والحمد لله أنت حريص على البر والخير.

نحن سعداء بك جدًّا، ونتمنَّى أن تثبت على هذا الطريق، وحتى الخمسمائة إذا أغضبت الوالد أرجعها له، لأن رضا الوالد هو الغاية، ورضا الله في رضا الوالدين، والحمد لله أنت في سِنٍّ حاجتُك للمال لن تكون كبيرة، فاجعل حاجتك الآن وهمَّك الآن إرضاء الوالد وإرضاء الوالدة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن ضرار

    الله يرحمه ويغفر له يا رب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً