الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكنني إفراغ غضبي المكبوت في نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الغضب أثناء القيادة، وأكبت غضبي دائمًا، فهل توجد طرق لإفراغ الغضب المكبوت؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنك سيء الأخلاق والأعمال فإنه لا يصرفُ سيئها إلَّا هو، وأن يُلهمك السداد والرشاد وطول البال.

أيها الابن الكريم: لا يخفى عليك أن الغضب شرّ، وأنه ركن من أركان الشر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كرَّر الوصيلة لمن طلب منه الوصية؛ قال له: (أوصني)، قال: (لا تغضب) قال: (زدني) قال: (لا تغضب)، قال: (أوصني) قال: (لا تغضب)، وهذا من الإعجاز في هدي النبي - عليه صلاة الله وسلامه -، لأن الغضب مفتاحٌ لشرورٍ كثيرة، والشيطان ينال من الغضبان ما ينالُه من السكران، ولذلك تعوَّذ بالله من الغضب ومن شرِّ الشيطان ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

ونحبُّ أن نؤكد لك أنه ممَّا يُعينك على التخلص من الغضب أو معالجته: تذكُّر هذه العواقب الوخيمة والآثار الضارة التي تلحق بالإنسان، بل ينبغي أن تُدرك أن الغضب يُغيِّرُ شكل الإنسان ويُغيِّرُ مزاجه، حتى قال بعضهم: (لو نظر الغضبان إلى صورته في المرآة لترك الغضب)، لأن الغاضب كأنه شيطان، تتطاير من عينيه الشرَّ.

وسواء كان هذا الغضب مكبوتًا أو عبَّرت عنه بعد ذلك بتصرُّفات أخرى فإن الأمر يحتاج إلى وقفة، والغضب أيضًا أثناء القيادة تزداد فيه الخطورة، لأنه يحمل على التوتر ويحمل على تصرفات قد تُلحق الأذى بك، أو بمن حولك من المارَّة، أو بمن حولك من الناس.

ولذلك ندعوك إلى ما يلي:
1. عندما تأتيك مشاعر الغضب عليك أن تتعوّذ بالله من الشيطان.
2. أن تذكر الرحمن.
3. أن تُمسك اللسان.
4. أن تُهدئ الأركان.
5. لو جاءك الغضب وكان هناك مجال أن توقف السيارة، فننصحك بأن تتوقّف، يعني تُوقف السيارة، تأخذ جانب الطريق وتتوقف حتى يذهب طيف الغضب.
6. عليك إذا كان هناك مجال أن تهجر المكان الذي حصل فيه الغضب.
7. إذا كان الغضب شديدًا عليك أن تتوضأ.
8. إذا كان الغضب أكثر شدة عليك أن تُصلّي، واعلم أن الله قال لنبيه: {ولقد نعلم أنك يضيقُ صدرُك بما يقولون}، ما هو العلاج يا ربِّ؟ {فسبِّح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربَّك حتى يأتيك اليقين}، فالتسبيح والسجود لله تبارك وتعالى من الأسلحة التي يُستعان بها على التخلص من جرعات الغضب وجرعات التوتر، والدراسات تُثبت هذا، خاصة مسألة السجود وعلاقته بالارتياح والانشراح الذي ينساب في نفس الإنسان المؤمن.

على كل حال: نحن نؤكد لك أنك تستطيع -بإذن الله- أن تُغيّر هذا السلوك، فمن رحمة الله بنا أن السلوكيات السالبة يستطيع أن يُغيِّرها الإنسان بالتأسِّي برسولنا، والتأسّي بالحلماء، وبالتدرُّج مع النفس، بتدريب النفس، بأن بتذكُّر الإنسان عواقب هذه المصيبة - التي هي الغضب - والآثار المترتّبة عليها.

والغضب – لمَّا قلنا – ركنٌ من الشرِّ ذلك لأنه يجُرُّ ورائه أشياء كثيرة من الأمور، فقد يغضب الإنسان ممَّن هو أصغر منه فيُؤذيه ويشتم ويسبّ ويعتدي عليه بالضرب وقد يقتل، وقد يغضب الغاضب ممَّن هو أكبر منه فينطوي وينزوي ويعتزل ويتحوّل غضبه إلى منكرات أخرى، مثل (الغيبة، والنميمة، وإرادة الشر، والحقد ...) إلى غير ذلك من الأمور.

فالغضب شر، ونسأل الله أن يُعيذك من الشر، ونُحيي هذا السؤال الذي تبحث فيه عن الجواب، وأرجو أن تُنفِّذ ما وصلك من إرشادات، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع الموقع.

بارك الله فيك، وقدّر الله لك الخير، وهدانا وإيَّاك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً