الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع أخي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي بخصوص أخي الذي يبلغ من العمر 31 سنة، منذ صغره كان شديد الخوف من أي شيء، ويسأل قبل أن يأكل أو يلمس أي شيء إن كان سيصاب بأذى منه، واستمرت هذه الحالة فترة ثم انقطعت، وفي المرحلة الابتدائية كان مجتهدًا وهادئًا جدًا، وشديد الخجل، وفي المرحلة المتوسطة تعثرت حالة والدي المادية، وطلب مني ومن أخي العمل معه في مكتبة كان يملكها، لكن أخي كان يخاف بشدة من بعض الزبائن، ويخطئ في محاسبتهم، وكان والدي يسخر منه وينهره كثيرًا، رغم طاعة أخي له في كل شيء، وللأسف كان هناك شجار دائم بين أبي وأمي في البيت.

في المرحلة الثانوية ظل يعمل مع والدي في المكتبة، وأثر ذلك على دراسته، وحصل على مجموع قليل، وكانت صدمة بالنسبة له؛ لأنه متفوق دراسيا، ودخل كلية الآداب في بلد بعيد، ونحن منذ صغرنا لا نختلط إلا قليلا، وهنا كان التحول في شخصية أخي، أصبح غير متزن نفسيا، يدخن السجائر، ويتحدث بألفاظ بذيئة، ويعتدي على أبيه بالضرب، قليل النوم جدا، يخرج من الفجر ويمشي في الشوارع بلا هدف، شديد الهدوء والصمت، ويقف خلف الشبابيك بالساعات يراقب الناس في الشارع، ولا يبالي بدراسته.

أخذنا أخي إلى طبيب نفسي، وقال بأنه يعاني من الهوس، وأعطاه أدوية جعلته ينام كثيرا، وحاليا للأسف تم فصله من الجامعة، لأنه لم يحضر موقف التجنيد؛ بسبب خوفه من الذهاب لقسم الشرطة، وكل أوراقه الرسمية منتهية.

أخي يرفض الاستحمام والأكل والشرب، ولا يقوم بأي نشاط، وكثير الشكوى بأنه مريض بالقلب، أو العظام، أو الأعصاب، وعرضناه على الأطباء وقالوا إنه سليم، وللأسف لا يسمع لأحد، وتم تشخيصه منذ فترة بمرض ثنائي القطب، ويرفض أخذ الأدوية النفسية.

أفيدونا، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، واهتمامك بأمر شقيقك، الذي أسأل الله له العافية.

وصفك جيد جدًّا للمراحل التطورية والارتقائية التي مرَّ بها هذا الشاب ووضعه الإكلينيكي الآن.

طبعًا التنشئة لها دور في الصحة النفسية المستقبلية للإنسان، وجملة الأعراض والسلوكيات التي تظهر على هذا الشاب في الوقت الحاضر تدلُّ على أنه بالفعل غالبًا يُعاني من حالة (اضطراب وجداني ثنائي القطب)، وحين يكون في نوبات الهوس تبدر وتصدر منه كل السلوكيات السالبة التي ذكرتَها، وحين يكون في نوبة الاكتئاب يحدث له انسحاب اجتماعي، ورفض الأكل والشرب والاستحمام، ويكون مكبًّا على ذاته، ولا ينخرط في أي أنشطة، وقد يشكو من بعض الأعراض العضوية.

هذا الشاب يحتاج للعلاج، ومعظم هؤلاء المرضى يرفضون العلاج في بداية المرض، لكن إذا وجدوا مَن يتحدَّث معهم بحنكة وحكمة وودٍّ يستجيبون غالبًا، فأرجو أن تجتهد في هذا السياق، أنت أو أي شخص مناسب يجلس معه ويُحادثه بكلِّ لطف، ويعرض عليه أهمية العلاج، ويمكن أن يقتنع.

طبعًا تذهبون به إلى الطبيب النفسي المختص، ويمكن أن يُعطى أدوية لا تزيد من النوم كثيرًا، هنالك الآن أدوية مثبتة للمزاج ممتازة جدًّا، وإذا لم يتعاون في أخذ العلاج هنالك إبر (حقن) مفيدة جدًّا أيضًا، وعمومًا معظم هؤلاء المرضى بعد أن يقتنعوا بفائدة العلاج يستمرُّون عليه، البدايات قد تكون متعسِّرة، لكن بعد ذلك يحدث استمرار على العلاج.

أرجو – أيها الفاضل الكريم – أن تهتمَّ بموضوعه، و- إن شاء الله تعالى - يتحسَّن كثيرًا بعد تناول العلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً