الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلي يضربونني بقسوة لأسباب تافهة

السؤال

السلام عليكم

هل سيحاسب الأهل على ضرب ابنتهم بقسوة بسبب من أسباب تافهة لمجرد أنهم مضغوطون؟ فإنهم يضربوني كأنني لست ابنتهم، من صفع على الوجه أربع ضربات متتالية، وضرب على الظهر، لدرجة أن قلبي شعرت أنه تحرك من مكانه!

كذلك شتمي وتجاهلي في صغري أيضاً، وتعذيبي في صغري، ووضعي في غرفة بدون غطاء في الشتاء، وضربي بقسوة، حتى إن هذا لم يمح من ذاكرتي، وأكرههم وأشعر أنهم ليسوا أهلي!

أنا في ابتلاء عظيم، لكن -الحمد لله- وجعلوني لا يكون لي صديقات، وانطوائية، وعدم ثقة بالنفس، ويشتمون في خلقتي وشكلي.

أتعبوني جداً -والله- وأمي كادت تقتلني مرة بخنقي، وتتوعدني بالقتل وأنا نائمة، والله لأسباب تافهة للغاية، أشعر بعدم أمان في هذه الدنيا، وضياع، وقد طردتني كثيراً من المنزل.

أنا لدي ابتلاء في عائلتي، والله لا توجد عائلة مثلها، لكن -الحمد لله- فأسال هل سيعاقبهم الله أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يهدي أهلك لأحسن الأخلاق والأعمال.

يُزعجنا ما يحصل معك من القسوة، ونرجو أن تتفادي الأسباب حتى ولو كانت تافهة، فإن أقصر علاج للتخلص ممَّا أنت فيه ولتقليل الضغوط التي عليك والمعاناة التي أنت فيها يبدأ بعد الاستعانة بالله والتوكُّل عليه واللجوء إليه، لأن قلوب الأهل بين أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفُها.

الأمر المهم بعد هذه النقطة الهامة هو تفادي أسباب ما يُزعج الأهل، وإلَّا فلا أعتقد أن الأهل يُؤذون بنتهم بهذه الطريقة المذكورة التي فيها من الوحشية ما فيها دون أن يكون هناك أسباب.

كما أرجو أن نتفق جميعًا أنك على علمٍ بالأمور التي تُثير غضبهم، وأنت على علمٍ أيضًا بالأمور التي يمكن أن تتفادي بها المواقف الصعبة التي تحدث معك، لمواقف اتخذيها، لأشياء تتجنّبيها، نسأل الله أن يُعينك على الخير.

كل هذا لا يعني أننا نوافق على الذي يحدث، فالذي يحدث لا يُرضي الله تبارك وتعالى، ولم يَرِد في هذا الشرع أن تعيش الفتاة أو يعيش الطفل مثل هذه المعاناة المذكورة في السؤال، ولكن -ولله الحمد- أنت وصلتِ إلى عمرٍ ونُضجٍ يُؤهِّلُك لمرحلة العطاء، ولمرحلة فهم الأمور ووضعها في نصابها، واعلمي أنك تكتسبي الثقة في نفسك بتوحيدك لله، وبثقتك في عون الله، وبحرصك على طاعة الله تبارك وتعالى، وعندها هذه الجرعات الروحية والتوحيد الخالص والإيمان العميق هو الذي أعان بلال على تحمُّل الصعاب، وأعان ضعاف المؤمنين في بدايتهم في طريق الدعوة على الصبر، وهو الذي سيعينك على الصبر والتحمُّل، ونسأل الله أن يجعل في طريقك شاباً صالحاً يتزوجك ويُسعدك ويُخرجك ممَّا أنت فيه.

على كل حال: سيُعاقبهم الله تبارك وتعالى ويُعاقب كل ظالم، إلَّا إذا عفوت عنهم، إلَّا إذا كان منك العفو، إذا كانت القسوة من والد أو والدة فإن الأجر الذي يحصل عليه الإنسان أفضل وأكرم ما يمكن أن ينتظره الإنسان، كما أن الصبر عليهم هو نوع من البِرِّ لهم، ونسأل الله أن يُعينهم على الخير.

كنَّا سنسعد أكثر إذا علمنا تفاصيل ما يحصل، وهل الأهل طبيعيون أم هناك إشكالات تحدث هي السبب في هذا، وما نوع الضغوط التي يتعرضون لها، ولماذا أنت الضحية دائمًا حتى في الضغوط التي يتعرّضون لها، هي مسائل نحتاج معها إلى وقفات، وموقعك يُرحب بك بمزيد من التفاصيل، ومن حقك أن تُطالبي بحجب الإجابة إذا كان في الموضوع أمور حساسة، ونسأل الله لنا ولك ولهم التوفيق والهداية والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً