الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس العقيدة أتعبتني فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

أعاني من وسواس العقيدة، مرحله وصلت إلى الكفر، فمثلا انتقدت المسيحية فوسوس لي الشيطان بأنني انتقدت المسيحية التي جاء بها عيسى - عليه السلام -.

كنت أشرب فجلست بصورة غير تامة فوسوس لي الشيطان أنني استهزأت بالسنة، مع العلم أنني - والحمد لله - ملتزم.

بانتظار الرد، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يبدو أنك تعاني من طيف الافكار الوسواسية، والتي قد تصل أحيانا إلى مرحلة الوسواس القهري، وأكثرها إيلامًا هي تلك الوساوس المتعلقة بالعقيدة، وإليك بعض النصائح التي قد تفيدك في هذا المجال:

1- احرص على عرض نفسك على أخصائي نفسي ليقوم بتقدير شدة الوسواس لديك، وهل يحتاج لتدخل دوائي أم يكتفى بالتوجيه السلوكي.

2- يمكنك استخدام ما يسمى بسجل الأفكار thoughts record، ويمكن البحث عنه في النت، ويتكون في العادة من العناصر التالية: خانة في الجدول لتسجيل التاريخ والوقت، والخانة التي تليها يتم تسجيل الحدث الذي تسبب في ظهور الفكرة الوسواسية، وفي الخانة الثالثة يتم تسجيل الفكرة نفسها، وفي الخانة الرابعة يتم تسجيل شعورك حيال هذه الفكرة، وفي الخامسة يتم تسجيل درجة شعورك من صفر إلى عشرة، وفي الخانة السادسة يتم ذكر المؤيدات للفكرة، وفي الخانة السابعة يتم ذكر المعارضات للفكرة، وفي الخانة الثامنة يتم ذكر شعورك بعد محاكمة الفكرة وفي الخانة التاسعة والأخيرة يتم ذكر شدة الشعور بعد محاكمة الفكرة من صفر إلى عشرة.

على سبيل المثال: لو مررت ليلا بشجرة وجاءت فكرة وسواسية أنها وحش، فالحدث: هو المرور، والفكرة: أنها وحش، والشعور: سيكون الخوف، وهكذا.

فائدة هذا النوع من التسجيلات للفكرة ومحاكمتها أنه يقوم بإضعافها إلى حد كبير، يمكنك أن تسجل في اليوم الواحد أكثر من فكرة.

3-بخصوص وساوس العقيدة عليك أن تجعل لنفسك قاعدة ثابتة، وهي أن الله غفور رحيم، وأنه ودود كريم، وأنه رؤوف بنا ولا يسعى لتعذيبنا، بل يسهل الأسباب لرحمتنا، وأنه أرحم بنا من أمهاتنا.

4- عليك أن تعلم أن صاحب الوسواس القهري معذور عند الله تعالى في الجزئية التي وقع فيها الوسواس وهو أشبه بناقص الأهلية فيها، لذلك تعامل الفقهاء مع هذه الحالة تعاملا خاصا، فالأصل في الشخص السليم إذًا شك في عدد ركعات الصلاة أو عدد غسلات الوضوء أن يبني على الأقل، بينما الموسوس يبني على الأكثر، فلو شككت كسليم هل صليت ثلاثا أم أربعًا فالأصل أنها ثلاث، بينما لو شككت كموسوس هل صليت ثلاثا أم أربعًا فالاصل أنها أربع، ولا يلزمك أن تضيف ركعة زائدة، وهكذا.

4- تجنب الجلوس وحيدا في البيت، واحرص على الاختلاط بالآخرين، والقيام بأنشطة بدنية، فهذا يشتت الفكرة الوسواسية.

5- لا تقاوم الفكرة إذا هاجمتك، بل افتح لها الباب لتدخل، لكن بالمقابل افتح لها النافذة لتخرج منها، ولا تستوقفها داخل الغرفة أو تحاورها عند حصول الهجمة الوسواسية، يمكن تأجيل نقاشها لوقت لاحق مع سجل الأفكار الذي ستقوم به عندما تهدأ الفكرة.

6- يمكنك القراءة في موضوع الأعذار، كالعذر بالجهل والنسيان والنوم والخطأ، فهذه تؤسس عندك قاعدة التسامح النفسي مع ذاتك، لأن صاحب الوسواس يجلد ذاته كثيرا.

7- أخيرا عليك أن تعلم أن صاحب الوساوس هو أقوى الناس إيمانًا، ربما يكون هذا غريبا، لكن هذا المعنى جاء في الحديث النبوي الصحيح في شأن بعض الصحابة الذين أصابهم الوسواس وشكوا حالهم إلى رسول الله -؟صلى الله عليه وسلم - فأجابهم: "أوجدتموه ؟ ذاك صريح الإيمان"، فهنيئا لك قوة إيمانك.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً