الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الجلطة القلبية يلازمني في كل موقف، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحم الله وبركاته ..

لدي مشكلة منذ سنة ونصف، حيث شاهدت خبرا على الفيس بوك:

طبيب عمره 25 سنة، توفي إثر جلطة قلبية حادة، وبعدها شعرت بضيق شديد بصدري، وشعرت أني سأموت، وطلبت الإسعاف، وتبين بعدها أنها نوبة هلع، وفي كل مرة أسمع بخبر وفاة شخص بنوبة قلبية يصيبني الهلع، وحتى هذه اللحظة أتوقع كل يوم أني سأموت بجلطة قلبية، ودائما أتحسس قلبي ونبضي، وأشعر بحرقان بصدري، وفي كل مرة أشعر بألم في صدري أذهب للطوارئ، وأجريت تخطيطا للقلب أكثر من 5 مرات، وبالأمس أجريت فحص جهد القلب، وقال لي الطبيب كل شيء بخير، علما أني تركت التدخين منذ 3 أشهر .

وذهبت لناد رياضي لمدة شهر وتركته، بعدها شاهدت فيديو لشاب تعرض لجلطة قلبية في نادٍ لكمال الأجسام.

أتمنى منكم المساعدة في حالتي، وهل أستطيع العيش بدون هذه الأفكار ونوبات الهلع؟ حيث لا طعم للحياة بهذه الأفكار، تبقى دوما حبيسا لها وتشعر بالخوف من الموت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بهاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: حالتك حالة متكررة جدًّا، نُشاهدها كثيرًا في عياداتنا، نوبات الهلع والهرع كثيرًا ما تكون مرتبطة بالشعور بدنو الأجل، والخوف من الموت يكون أحد الوساوس التي تُهيمن على فكر الإنسان، وطبعًا المؤثرات السببيّة لها أهميتها، فأنت قلت أنك شاهدتّ على الفيسبوك هذا الطبيب الذي تُوفي إلى رحمة الله وهو في عُمرٍ صغير بذبحة قلبية: هذه هي نقطة الإثارة التي جعلت المخاوف عندك تزداد، خاصَّة أنت أصلاً لديك القابلية لنوبات الهرع والفزع.

فالأمر في غاية البساطة وفي غاية الوضوح. أخي الكريم: أنا أنصحك أولاً بأن تكون مفاهيمك عن الموت هي المفاهيم الصحيحة. هنالك خوف مرضي، وهنالك خوف شرعي، الخوف المرضي هو النوع الذي أنت تتحدّث عنه الآن، أمَّا الخوف الشرعي فهي القناعة المطلقة بأن الأعمار بيد الله، وأن أجل الإنسان إذا جاء لا يُؤخّر ولا يُؤجّل، وأن ما حدث لفلان أو لعلّان ليس من الضروري أن يحدث لي، وفي ذات الوقت الإنسان يعيش حياة صحيّة، ويحرص على صلواته، وعلى أذكاره، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يُطيل عمرك في عمل الصالحات.

هذا – يا أخي – ببساطة شديدة، أنا أعرفُ تمامًا أنه لديك قناعات بما ذكرتُه لك، لكن أريدك أن تزيد من هذه القناعات، وأن تُحقّر الفكرة، حين يأتيك هذا الخوف من الموت والشعور بالموت قل مع نفسك: (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، أو قل: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، وقل مع نفسك: (الأعمار بيد الله، ولكل أجل كتاب، كل شيء هالك إلَّا وجه، كل مَن عليها فانٍ) وثبت هذا الأمر في ذاتك، ويجب أن تُدرك أن هذه الحالة – أي حالة الفزع والهلع – معروف أن من أعراضها الثابتة هي هذا الشعور السخيف بأن الإنسان سيموت.

ويا أخي الكريم: أنا اطلعتُ على بعض الأبحاث – من هنا وهناك – تقول أن مرضى الهلع والفزع – سبحان الله – هم أطول عمرًا من كثير من الناس، وذلك نسبةً لحرصهم على حياتهم وعلى طريقة نمط الحياة الإيجابي الذي ينتهجونه.

فيا أخي الكريم: هذا هو الموقف، وأريدك حقيقة أن تجتهد تمامًا في أن تعيش حياة صحيّة، الحياة الصحيّة تتطلب بالفعل التوقف عن التدخين، ممارسة الرياضة، تجنّب السهر، حُسن إدارة الوقت، تطبيق بعض التمارين الاسترخائية، وأن تعمل لحياتك كأنك تعيش أبدًا، وأن تعمل لآخرتك كأنك تموتُ غدًا، تعمل لحياتك من حيث تطوير الذات، ومن حيث التطوير المهني، من حيث الصِّلاتِ الاجتماعية الجيدة، الحرص على بر الوالدين، الحرص على أن تنمّي أسرتك بصورة صحيحة، الزواج، هذا فيه استقرار كبير للإنسان، الصلاة في وقتها، الأذكار، الدعاء، الورد القرآني اليومي، وأن تعيش قوة الحاضر، فأنت الحمد لله الآن بخير.

فيا أخي: هذه هي النصائح التي أودُّ أن أسديها لك، وأريدُ أيضًا أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة والسليمة والفاعلة جدًّا لعلاج هذا النوع من المخاوف، الدواء يُعرف باسم (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس) وربما تجده في فلسطين تحت مسمّى تجاري آخر، هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وأخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، أنت تحتاج فقط للحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، ابدأ في تناولها بجرعة نصف حبة يوميًا – أي خمسة مليجرام – لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو دواء سليم وفاعل.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (2181620 - 2250245 - 2353544 - 2419484).

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً