الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح أخي الذي يطلق الأحكام على الناس؟

السؤال

السلام عليكم.

عندما يرى أخي شخصا قد وضع صورته مع زوجته، أو فتاة وضعت صورتها على الفيس بوك، كان يقول: هذا الشخص ديوث، أو والد هذه الفتاة ديوث!

فكيف أنصحه؟ وهل ما يقوله يعتبر حراما؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zaaaaaaaaaaahraaaaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على تجنيب أخيك الوقوع فيما حرَّم الله تعالى عليه، وحرصك على اختيار الأسلوب الأفضل والكلمات الأكثر تأثيرًا دليلٌ على رجاحة في عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

وأفضل ما نراه من الأساليب التي ينبغي أن تتبعيها لإرشاد أخيك هذا ونُصحه:
أولاً: أن تُثني على الجوانب الإيجابية في شخصيته، وغيْرَته على ارتكاب محارم الله تعالى، فإن هذا يُشجّعه لقبول ما تُسدين إليه من النُّصح، فينبغي أن تذكري له بأنه يُشكر على غيرته على المحارم، وتوجُّعه من وقوع الناس في بعض المخالفات، وأن الغيرة شيءٌ يحبُّه الله تعالى إذا كانت منضبطة بضوابط الشرع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ) كما في صحيح ابن حبان وغيره، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وَاللَّهِ إِنِّي لَأَغَارُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي).

ولكن هذه الغيرة منها ما يُحبّه الله تعالى، ومنها ما يُبغضه، كما جاء في الحديث الآخر أيضًا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (غَيْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللَّهُ، وأُخْرَى يُبْغِضُهَا اللَّهُ، وَالْمَخِيلَتَانِ إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْأُخْرَى يُبْغِضُهَا اللَّهُ، الْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ يُبْغِضُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ).

فينبغي للإنسان المسلم إذًا أن يضبط غيرته بضوابط الشرع حتى تكون غيرته ممَّا يُحبه الله تعالى ويرضاه.

وما يفعله بعض الناس من نشر صورته وصورة زوجته، أو صورة ابنته، أو نحو ذلك: إذا كانت هذه الصورة ليس فيها شيء من الإخلال بأحكام الشرع بأن كانت المرأة ساترة لبدنها ومواطن الزينة منها فإن هذا الفعل لا يُوصف بأنه مخالفة، فضلاً عن أن يكون دياثة، فالدِّياثة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بأن صاحبها لا يدخل الجنّة قد فسّرها العلماء بأنه الرجل الذي يُقِرُّ لأهله الفاحشة، والفاحشة المقصود بها الزنى، فهذه هي الدياثة الكاملة التي توعّد الله تعالى صاحبها بهذا الوعيد الشديد، أمَّا ما ذُكر في سؤالك فليس هو دياثة.

فإذا اتضحت هذه الصورة لأخيك وتبيَّن له الفروق بين الأوصاف الذميمة، مع تذكيره بحرمة عرض الإنسان المسلم، وأن الله سبحانه وتعالى حرَّم على الإنسان أن ينال من عرض أخيه المسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ)، وقال: (إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ)، فيُذكّر هذا الأخ بأنه ربما وقع هو في ذنبٍ أعظم ممَّا وقع فيه هؤلاء الذين نشروا هذه الصور وهو يتغيّظ من فعلهم ويُنكر عليهم.

هذه هي الطريقة المثلى التي ينبغي اتباعها في تبيين هذا الحكم لهذا الأخ، مع التلطّف والرفق به، لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يردّه عن هذا الفعل القبيح، وهو النيل من أعراض المسلمين بهذه الطريقة بغير حقٍّ.

نسأل الله تعالى أن يوفقك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً