الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من ظلم فتاة إن لم أخطبها.

السؤال

السلام عليكم.
دوما أشكركم على هذا الموقع الممتاز والذي أفضله كثيرا.

أنا شاب 30 سنة، أرسلت إلى فتاة متدينة وحافظة للقرآن الكريم ومتطوعة بالمسجد عبر الفيسبوك بغرض الزواج وتناقشنا على السكن والعمل، وسألتها عن عائلتها، وتكلمنا في حدود الضرورة فقط لمدة لا تتجاوز أسبوعين أو ثلاثة ووقت محدد فقط ليس دائما، وبعدها قالت لي أن نقطع الاتصال بيننا ولقد عرفت عني كل شيء وإذا شئت تقدم لبيتنا فأعجبني كلامها وتدينها هذا، وصارحتها أنني سأستخير وأستشير وإن قدر الله سآتي للرؤية الشرعية والزواج مكتوب، وإن حدث شيء آخر، أو لم نتفق ولم يكن مقدرا لنا فلتسمحي لي وأسمح لك، فقالت: نعم.

وبعدها سألت عنها واستخرت الله عدة مرات، واستشرت الكثير، فقررت التقدم لأبيها، فتكلمت معها أولا وطلبت رقم هاتفه، فمرضت بعدها مرضا شديدا لحد الآن ولم أتصل بأبيها لهذا الظرف.

أنا الآن خائف أن أكون قد ظلمتها إن لم أتقدم لخطبتها، خاصة بعدما تكلمنا وقلت لها أنني سأكلم والدها، ولأنني أيضا متردد من ناحية الجمال؛ لأنها ليست ذات جمال فائق، لكنها مقبولة.

سؤالي الأول: هل إن لم أتقدم لها لسبب الجمال أو لسبب آخر أكون ظالما لها، ولن أوفق لزوجة صالحة؟ وسيبقى ضميري يؤنبني بسبب تكلمي معها لفترة قصيرة، وقلت لها سأكلم والدها.

وسؤالي الثاني: هل إن تقدمت للرؤية الشرعية ولم تعجبني أو العائلة لم يقبلوا بها، هل أكون ظالما لها أيضا؟

أرشدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يُقدّر لك الخير.

أولاً: أصبت أيها الحبيب كل الإصابة باستعمالك للكلام مع هذه الفتاة بقدر الحاجة، وسد الأبواب التي يمكن أن يدخل الشيطان منها إليك، ونوصيك بالاستمرار على هذا المنهج، فإن فتنة النساء من أعظم الفتن التي حذّر النبي صلى الله عليه وسلم.

وثانيًا: نشكر لك حسّك المرهف وذوقك الرفيع وأدبك الجمِّ في التحرُّز من الوقوع في ظلم هذه الفتاة والإساءة إليها إذا أخلفت وعدك لها، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وحُسن في إسلامك، ونسأل الله تعالى لك المزيد من الهداية والصلاح.

وقبل أن نُجيبك على تساؤلك بخصوصه – أيها الحبيب – نودّ أن نذكّرك بوصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في اختيار المرأة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).

فبيَّن عليه الصلاة والسلام المقاصد التي من أجلها يطلب الرجال النساء، وفضّل ذات الدّين من النساء على غيرها، فإن المرأة قد تُنكح لمالها فيكون ذلك أثره على الزوج بأن وضع نفسه في الوضع الأدنى، وقد يَنكحها لحسبها فتتطاول عليه وتفتخر عليه، وقد يتزوجهُا لجمالها فإذا كان جمالاً فائقًا من غير دينٍ يحفظُها فإنه ربما كان ذلك وبالاً عليها وعليه، فلمَّا أتى إلى الدّين قال: (فاظفر بذات الدّين)، وكلمة (الظفر) لا تُستعمل إلَّا عند كشف شدّة على الإنسان، أو وصوله إلى مطلب من المطالب العالية المهمّة، فيه بيانٌ من النبي صلى الله عليه وسلم أن اختيار الزوجة أمرٌ صعب وليس بالأمر الهيّن، كما فيه إرشاد أيضًا إلى سبب السعادة الدائمة مع الزوجة، وهو دِينُها.

والجمال - أيها الحبيب – نوعان: جمالٌ ظاهرٌ وجمالٌ باطن، فجمال الظاهر هو جمال الصورة والمنظر، وجمال الباطن هو جمال الروح والخُلق والأدب والدّين.

فلا حرج عليك أن تبحث عن المرأة التي تشتهيها نفسُك من حيث الجمال الظاهر، ولكن ينبغي أن تعتني بجانب ذلك بجمالها الباطن وحُسن تَدَيُّنها، فإذا وجد الشاب الفتاة المقبولة لديه من حيث جمال الظاهر ووجدها مع ذلك متصفة بالدّيانة والاستقامة فلا ينبغي له أن يُفوّتها.

أمَّا بخصوص سؤالك –أيها الحبيب– وهو: هل ستكون ظالمًا لها إذا لم تخطبها بعد أن وعدتها؟ فالجواب عن هذا بخصوصه أنك لست بظالم، وإن كان يُستحبُّ لك الوفاء بالوعد، ولكنّه ليس بواجبٌ عليك، فيجوز لك أن تترك خطبتها، وإذا تركت خطبتها فنصيحتُنا لك ألَّا تتكلّم معها، وسيُغني الله كلًّا منكما من فضله.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، ويُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً