الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التقصير والتفريط في الطاعة، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله -عز وجل- أن يجزيكم خير الجزاء على ما تقدمونه من جهود قيمة، ونافعة لعامة المسلمين.
وبعد:

ما نصيحتكم لمن أصبح يعيش مكسور الخاطر، فاقدًا لذة الحياة الطيبة، نتيجة تفريطه وتقصيره في العمل لآخرته، كثير الذنوب والمعاصي، إذا ما ذكرها شعر بخسارته، ولكنه مع هذا يحب الطاعة، ويتمنى أن يكون من المتقين، ولكن غالبًا ما تغلبه شهوته، ويصرفه الكسل، ويبعده التسويف، وإذا تاب وأناب، وكابد الجهاد سرعان ما رجع إلى ما كان عليه، فمل من اضراب الاستقامة، وعدم الثبات، حتى شعر بعدم استحقاق الغفران، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيّاك عيش السعداء ولذّة الحياة ونعيم الدنيا والآخرة.

ونشكر لك -أيها الحبيب- تأنيبك لنفسك وشعورك بالتقصير، هذا -إن شاء الله- دليلٌ على حُسن في إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يجعله مفتاحًا للاستزادة من الخير.

وممّا ينبغي أن تتذكره أن طبيعة هذا الإنسان التي خلقه الله تعالى عليه أنه خطَّاء، كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ بني آدم خطّاء)، وكما قال -عليه الصلاة والسلام-: (إن الإنسان خُلق مُفتَنًا، توَّابًا، نسيًّا)، فطبيعة هذا الإنسان النسيان والوقوع في الخطأ، وهذا هو ميدان الاختبار.

فالله تعالى خلقه كذلك ليتوب، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم).

فالله تعالى يُحبّ أن يرى مِنَّا التوبة والندم والاستغفار، فهذه هي طاعات جليلة وأعمال كبيرة، يُحبُّها الله ويرضاها من فاعلها، ويبتلي العبد بأن يُقدّر عليه الذنب ليرى منه هذه الأحوال.

فينبغي للإنسان أن يفرح إذا هو رُزق التوبة ورُزق الاستغفار، فهذا فضلٌ عظيمٌ من الله تعالى، فلا ينبغي أن يكون حالُك بعكس ذلك، لا ينبغي أن تيأس وتحزن وتقطع رجاءك وأملك برحمة الله تعالى حين ترى أنك قد أذنبت، بل الواجب أن تُسارع إلى التوبة، وأن تعلم أن الله تعالى سيقبل منك استغفارك وتوبتك إذا صدقت النية.

بشّرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا المعنى في أحاديث كثيرة، ومنها الحديث العظيم الذي رواه مسلم في صحيحه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، قَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ).

فهذه بشارة عظيمة من الله تعالى لهذا الإنسان، أن الله تعالى يغفر له كلّما هو استغفر وتاب.

والطاعات -أيها الحبيب- سبب أكيد لنيل الساعة والحياة الطيبة، كما قال الله تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.

فبادر إلى التوبة والاستغفار، وأكثر منها، واعلم أن الله تعالى يقبل منك أعمالك، ويُثيبُك عليها، نسأل الله تعالى أن يزيدك من التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً