الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي لا تصلي وتمارس العادة السرية، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أمي عمرها 64 سنة، تتناول أدوية الاكتئاب وانفصام الشخصية كوصفة لمدى الحياة، فقط تصوم، لا يمكنها إيقاف الأدوية، لا تصلي ورأيتها تمارس العادة السرية ما أفقدني احترامي لها.

قرأت لها أحد المرات عن محرومية العادة السرية وعقوبة فاعلها، قال لي طبيبها أنه مرفوع عنها القلم، هل هذا صحيح؟ وكيف أتعامل معها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يشفي أُمّكِ ويصرف عنها السوء والمكروه. ووصيتُنا لك – ابنتنا الكريمة – بأن تبذلي وُسعك في بِرِّ هذه الأم والإحسان إليها، فإن الجنة عند رِجْلِها، والأمُّ حقُّها عظيم، ولذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها أحق الناس بحسن الصُّحبة، وكرّر ذلك ثلاث مرات حين سأله الرجل: (مَن أحقُّ الناس بُحسن صحابتي يا رسول الله) قال: (أمُّك، ثم أُمُّك، ثمَّ أُمُّك) ثلاث مرات يُكرِّرها، وقد ذكر الله تعالى حقّ الأم في القرآن، مُبيِّنًا ما عانته هذه الأمُّ وتحمّلته وكابدته من مصاعب في حملها ووضعها وإرضاعها، وغير ذلك ممَّا فعلته بولدها، وهذا كلُّه يُضاعف حقَّها، ويُؤكّد الوصية بها، وقد جعل الله تعالى الوصية بالوالدين بعد الأمر بتوحيده سبحانه وتعالى.

وهذا كلُّه نقوله – أيتها الكريمة – حتى لا يتسلَّل الشيطان إلى قلبك ويُفقدك حُبّ أُمّك والحرص على بِرِّها والإحسان إليها؛ تحت هذا المُبرِّر الواهي، وهو أنك رأيتِ منها مُخالفةً أو معصيةً، فهي وإن عصتْ وكانتْ عامدةً مُختارةً فإثمُها على نفسها، ومن البِرِّ بها نُصحها، وتذكيرُها بالله واليوم الآخر، والحساب والجزاء، بلطفٍ ولينٍ حتى تستجيب وتمتثل.

وليس من البِرِّ بها هجرها وقطعها وتركها للمنكرات، أو منعها حقوقها لأنها عصت الله تعالى، فهذه كلُّها مداخل يريد الشيطان من خلالها أن يصدّك عن هذه الطاعة العظيمة والواجب الكبير، وهو بِرُّ الأُمِّ.

وأمَّا ما ذكرتِ ممّا تقع فيه هذه الأمّ من مخالفات ومعاصٍ لله تعالى؛ فلا ندري نحن ما هي حالتُها العقلية، لكن إذا كانت عاقلةً وكانت مختارةً - يعني: لها اختيار، تفعل ما تشاء وتترك ما تشاء باختيارها - فإنها مسؤولة عن أعمالها عند الله تعالى، فإذا ضيّعت الفرض فإنها عرَّضتْ نفسها لعقاب الله، وكذلك إذا فعلت الإثم.

فإذا كانت حالتُها بهذا الوصف الذي ذكرنا – وهو أنه تعقل ولها قُدرة واختيار – فهي آثمة، ولكن الواجب عليك التلطُّف بها ما أمكن، والتودُّد إليها لإصلاح أحوالها. فإذا لم تستجب لذلك فلا إثم عليك، ولكن لا تُضيّعي حقوقها.

أمَّا إذا كان المرض قد أوصلها إلى حالة من فُقدان العقل أو فُقدان الاختيار فإن هذه معذورة عند الله تعالى، لأن القلم رُفع عن المجنون حتى يَعقل، وقد رفع الله تعالى عن هذه الأُمَّة ما استُكرهوا عليه، فإذا كانت في حكم المُكْرَه وليس لها اختيار فيما تفعل فهي غير مُؤاخذة.

نسأل الله تعالى أن يُوفقك لبرِّ أُمّك ويُعينك على ذلك ويُسهِّلَه لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً