الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من وسواس في عقيدتي يكاد يقتلني.

السؤال

السلام‏ عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، عمري ٣٣ سنة، التزمت قبل ٥ سنوات، وبدأت حفظ القرآن، والآن أحفظ ما يقارب ال ٢٥ جزءا.

بدأ عندي وسواس في العقيدة قبل ثلاث سنوات، وبدأت أبتعد عن القرآن وعن مجالس العلم، عندما أقرأ القرآن أو أستمع للقرآن أو الدروس خصوصا في العقيدة يأتيني وسواس في وجود الله، حتى ذهب عندي اليقين، وذهب شعوري بوجود الله، وفي الغالب تأتيني الوساوس عندما أتأثر وأخشع يصبح ذهني مشغولا بالوسواس، وأصبح وأمسي وأنا أفكر كيف أتخلص منه؟

حاولت تجاهله، لكن تأتيني في أوقات أحس أني ضعيف فيغلبني ويأتيني شعور أني كافر، ولن أدخل الجنة، ثم يتسلط علي ويقول أنه لا يوجد جنة أصلا، تعبت كثيرا.

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يُذهب عنك هذه الوساوس، ويصرف عنك شرّها.

والوساوس – أيها الحبيب – نحن نعلم أنها شرٌّ مستطير، ونُدرك مدى الحالة التي تعيشها أنت من الضنك والضيق بسببها، ولكن إذا علمت أن هذه الوساوس من الشيطان وأنه لجأ إليها ليصرفك عن طريقك إلى الله تعالى، ويُثقّل عليك العبادات ويصرفك عنها، إذا علمت هذا فإن ذلك سيدفعك إلى أن تكون جادًّا في الأخذ بالأسباب التي أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنها دافعةٌ لهذه الوساوس.

هذه الوساوس لا تستحق منك الاهتمام، فهي وساوس حقيرة، مخالفة للفطرة وللحسّ وللوجود الذي حولك، فالله تعالى تدلُّ على وجوده كلّ مخلوقاته، فعدد ذرَّات جسمك هو أدلّة على وجود الخالق سبحانه وتعالى، {وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}، {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}، والله سبحانه وتعالى يسألنا أسئلةً تُقوّي هذه المعاني وهذه العقائد في قلوبنا، يقول في القرآن الكريم: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ}، ويقول: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ}، ويقول: { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}.

فهذه الموجودات حولنا وفينا كلُّها تدلُّ على وجود الباري سبحانه وتعالى وعلى علمه وقدرته، فكلُّ وساوس تحاول أن تُشكِّكُ في وجود الخالق فإنها وساوس محتقرة، مخالفة لكل هذه الأدلة والبراهين التي فيك وحولك، فكيف يليق بعد ذلك بك أن تشتغل بها؟!

ولهذا نصيحتُنا لك هي جملة وصايا نبوية أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، بها يحصل التخلُّص من هذه الوساوس، فإذا كنت جادًّا في طلب الراحة، حريصًا على التخلص من هذه الوساوس؛ فهذا هو الطريق الذي به تصل إلى مطلوبك إن شاء الله.

أوَّلُ هذه النصائح – أيها الحبيب -: اللجوء إلى الله تعالى كلَّما هاجمتك هذه الوساوس، أن تُكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

ثانيًا: إذا داهمتك هذه الوساوس اذكر الله تعالى ذكرًا كثيرًا، قل: (لا إله إلَّا الله) فإن الشيطان يفرُّ إذا ذُكر الله، قل (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفُوًا أحد}، وأكثر من قراءة القرآن، وأكثر من مجالسة الصالحين ومجالس الذكر، وحينما تهجر مجالس العلم وتبتعد عن القرآن – كما ذكرت أنت – فإنك بذلك تُعين الشيطان على نفسك. جاهدْ نفسك ولو كانت مُكْرَةً على حضور المجالس التي فيها ذِكرٌ لله وقراءة للقرآن، فإن الشيطان يفر من مثل هذه المواطن.

ومهما حاول الشيطان أن يُشوش عليك عند قراءتك للقرآن أو سماعك له أو حضورك لمجالس الذكر، فلا تلتفت إليه، وبصبرك هذا سيتحوّل عنك الشيطان إلى غيرك، وييأس منك.

الوصية الثالثة: الاشتغال عن هذه الوساوس بغيرها، كلَّما هاجمتك هذه الوساوس اشتغل بشيء آخر غيرها، سواء من أمر دينٍ أو أمر دُنيا، لا تبحث عن أي إجابات لأسئلتها، ولا تخف منها، ولا تقلق بسببها، لا تتفاعل معها بأي نوع من أنواع التفاعل.

فإذا فعلت هذه الوصايا فستزول عنك تلك الوساوس بإذن الله.

وأنت على إسلامك وإيمانك ما دمت تكره هذه الوساوس، فهذا علامة على أن الخير والإيمان موجود في قلبك، فلولا وجود الإيمان ما كنت تخاف منها، فاطمئن على إسلامك، ولكن اعمل بهذه النصائح التي ذكرناها لك.

ومع هذا خُذ بالأسباب الحسّية، فاعرض نفسك على طبيب نفسيٍّ، علَّه يصف لك من الأدوية ما يُعينك على التغلُّب على الوساوس، ويُعيدُ لجسمك بعض ما يفقده ممَّا يُعيده إلى وظائفه الطبيعية.

نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ عليك بالعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً