الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الشك حتى أصل إلى اليقين.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من الوساوس القهرية، ولكن ليست هذه المشكلة، أخبرتني الطبيبة النفسية أني أيضا لدي فكر فلسفي بمعنى أني أشك كي أصل إلى اليقين، وأنا لا أريد هذا أبدا، ولكن أشعر بالشك في قلبي، وأريد أن أطمئن، وهل أعمالي مقبولة؟ مع العلم أني أبكي كثيرا، لأن لدي هذه الشكوك، وأدعو أن تذهب، وسألت الكثير من الشيوخ، ولكن لا أحد طمئنني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة-، نسأل الله تعالى أن يذهب عنك هذه الوساوس، وأن يصرف عنك كل مكروه.

هذه الوساوس - أيتها البنت العزيزة لن تضرّك -بإذن الله-، ولن تمنع قبول أعمالك ما دمت تكرهينها وتخافين منها، فإن كراهتك لها وخوفك منها دليل على وجود الإيمان في قلبك، فاطمئني.

واعلمي أن الشيطان يحاول جاهدًا أن يُوصل الحزن إلى قلبك، ويجعلك تعيشين حياةً مملوءة بالقلق والهم والاضطراب، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {إنما النجوى من الشيطان ليحزُن الذين آمنوا}، فهو يريد إدخال الحزن إلى قلبك.

ولذلك من أعظم الأسباب التي تدفعين به هذه الوساوس وهذه الهموم أن تشعري بالسرور والفرح، فإذا رآك الشيطان مسرورةً فإنه يغتمّ لذلك وينصرف عنك إلى غيرك، وهذه وصية العلماء الصالحين لمن أُصيب بشيء من هذه الوساوس أن يفرح، وسبب فرحه أو الباعث على فرحه أن يعلم بأن الشيطان قد اغتمَّ بسبب ما وجده منه من إقبال على الخير وسلوك طريق الاستقامة؛ فلجأ إلى حيلة ضعيفة وهي الوسوسة، فإذا شعر الإنسان المسلم بهذا وأن المعركة مع الشيطان، وأن سبب هذه المعركة هو أن الشيطان رآك على الخير؛ فإن هذا سيبعث في نفسك الفرح والسرور بفضل الله تعالى، وبكرمه، وبهدايته لك، فإذا سُررت وفرحت بهذا فإن الشيطان يغتمّ ويحزن وينصرف عنك.

فهذا السرور جزء من العلاج، وطمأنينتك أن إسلامك محفوظ وأن دينك بخير أيضًا يبعث في نفسك الفرح والسرور، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد جاء إليه بعض الصحابة يشكو إليه أنه يجد في صدره وساوس لا يجرأ على أن يتكلّم بها، ويخاف أن يتكلّم بها، ويُفضّل أن يُحرق بالنار حتى يصير فحمًا، يُفضِّلُ ذلك على أن يتكلّم بما يجده في صدره، فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ذاك صريح الإيمان)، يعني: هذا علامة على وجود الإيمان في قلبك، وقال في رواية أخرى: (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة) يعني: أيس الشيطان وعجز عن أن يُضلّك وأن يصرفك عن طريق الله وعن سبيل الجنة، فلجأ إلى الوسوسة.

وثمَّ وصايا نبوية عظيمة لا بد أن تأخذي بها حتى تُريحي نفسك من هذه الوساوس:
أوَّلُ هذه الوصايا: الإكثار من الاستعاذة بالله عندما تُهاجمك الوساوس.
الوصية الثانية: الإكثار من ذكر الله تعالى على الدوام.
الوصية الثالثة: الاشتغال عن هذه الوساوس بأي شيءٍ آخر ينفعك في دينك أو دنياك، فلا تتفاعلي معها بأي نوع من أنواع التفاعل.

فإذا سلكت هذا الطريق واتبعت هذه الوصايا فإنك ستتخلصين من هذه الوساوس عن قريب -بإذن الله تعالى-، ومع هذا خذي أيضًا بالأسباب المادّية من التداوي وطلب العلاج، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما أنزل الله من داءٍ إلَّا وأنزل له دواء)، ويقول: (تداووا عباد الله).

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير ويُذهب عنك كل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً