الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالقلق والخوف الدائم، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ فترة من النسيان الشديد، وعدم التركيز، والقلق الدائم، وقلة الثقة بالنفس، وقد تصل إلى الخوف الشديد ويكون غير مبرر في مواقف عديدة، وقد تصيبني رعشة باليد شديدة جدا، وتكون ملحوظة للآخرين بنسبة كبيرة.

أنا دائمة التفكير في المواقف التي تحدث لي وأحزن غالبا، وعندما أكون لوحدي دائما أحس بالحزن في معظم الأوقات والبكاء كثيرا على أتفه الأشياء، وأحيانا بدون سبب،
وأنا الحمد لله محافظة على صلواتي وقراءة الأذكار، وكنت أظن أنها مشكلة عدم تقربي من ربنا فبدأت أصلي قيام الليل وأدعو، ولكني لا أظن أن هناك شيئا تغير، ويمكن هذه الأشياء تعوقني في دراستي الفترة الأخيرة، مع العلم أني كنت متفوقة دراسيا، ولا أنسى بسهولة، وكان لدي قدرة على الحفظ كبيرة. لا أعلم ماذا حدث لي أو ما الحل!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

معاناتك من المخاوف رغم تقربك بالصلوات وقيام الليل، ربما يشير إلى نوع من القلق عندك وربما يكون مصحوبا باكتئاب، ومثل هذا الأمر إذا أعاقك عن الحياة وممارسة مهامك الاعتيادية، فيتطلب تدخلا علاجيا، وذلك بزيارة الأخصائي النفسي لتقييم الوضع.

من أسباب المخاوف هو وجود أفكار لاعقلانية، مثل اعتقاد الشخص أن جذع الشجرة وحشا إذا رآه في الظلام، فالمطلوب في مثل هذه الحالة هو التحقق من صدق الفكرة لا مجرد الخوف، فإذا تم التحقق وعرف أن هذا مجرد جذع شجرة ذهب خوفه.

وهكذا نجد أن القلق بشكل عام هو مجرد مخاوف تتعلق بالمستقبل بحسب طبيعة الموضوع الذي يشغل بالك، وأكثر ما ينشغل الناس بالنواحي الاقتصادية والمادية، ويحصل لديهم قلق توقعي بأنه سيصيبهم عوز وحاجة مستقبلا.

والقلق الطبيعي الذي يدفع للعمل والادخار مهم ومفيد لصاحبه، لكن إن زاد عن حده الطبيعي تحول إلى مرض قاتل يكدر حياة صاحبه، لذلك نجد أن الله عز وجل أكد في غير ما آية أن الرزق بيده سبحانه، وأن بيده العطاء والمنع، كقوله تعالى: ﴿قُلۡ مَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن یَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَمَن یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَیُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّ وَمَن یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَیَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس ٣١]، وقوله تعالى: ﴿وَفِی ٱلسَّمَاۤءِ رِزۡقُكُمۡ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات ٢٢]، وقوله تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَـٰلِقٍ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ﴾ [فاطر ٣]، وغير ذلك من الآيات التي لا تدع مجالا للشك بأن الرزق بيد الله تعالى، وبالتالي فمن أراد هذا الرزق فعليه بالاطراح والدعاء بين يدي الله تعالى، وسؤاله هذا الرزق.

من الأمور التي قد تسبب القلق والخوف والتأثير على أعضاء الجسم كالارتعاش ونحوه، الصدمات التي تعرض لها الشخص في فترة من فترات حياته، كصدمة وفاة أحد الأقارب، أو صدمة تحرش، أو صدمات تنمر ونحو ذلك، بعض الناس قد يتجاوز هذه الصدمات ويعيش حياته بشكل اعتيادي، والبعض الآخر لا يستطيع تجاوزها، وبالتالي تظل المشاعر المرتبطة بالحدث كالخوف مرافقا له طوال حياته، أو حتى يجد من يعيد برمجة هذه الصدمة بشكل صحيح إما بنصيحة مؤثرة من شخص، أو بعلاج نفسي.

ما يتعلق بالإعاقة الدراسية والنسيان هي مجرد مظاهر لأعراض القلق والمخاوف، لذلك بمجرد إزالة هذه المخاوف وعلاج القلق ستختفي هذه المظاهر وتعود أمورك إلى سابق عهدها.

لجوؤك إلى الصلاة وقيام الليل هو أمر مطلوب، نعم ربما لم يحصل ما تقصدينه من علاج للقلق والمخاوف بشكل تام، لكن الصلاة والأذكار تخفف من القلق والمخاوف، وربما كان وضعك سيصبح أكثر سوءا في حال أنك لم تبادري بهذه القربات والطاعات.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً