الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابنة خالتي فهي تسيء لي دائما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة لجميع المستخدمين في هذا الموقع، مشكلتي هي لدي ابنة خالة أكبر مني ب 4 سنوات، حسناً إنها تبدو كطيبة القلب جداً، وأنا أقلدها في تصرفاتها، وكل شيء يجذب الانتباه أقوم به، لا أستطيع التوقف، لقد حاولت، ففي مرة من المرات ذهبت إلى منزل جدي، وقدمت الهدايا للجميع، ما عدا أنا (لقد تشاجرنا شجارا بسيطا قبل الحادثة)، شعرت بالضيق ليس بسبب الهدية، بل بسبب أعذارها فكل مرة يلتف الجميع وينغمسون في الحديث مع بعض تقوم بالاعتذار لي عن الهدية، وبالطبع لم تكن تبرر أبداً، فقررت شراء هدية لها في مولدها لإظهار نيتي الحسنة، ولتشعر بالذنب على ما فعلته، وتعرف أنني لا أكن لها أي مشاعر كره.

في كل مرة تجلس مع الأقرباء أرى الاهتمام يذهب إليها؛ طبعاً لأنني نسخة منها، لقد اعترفت لي، وقالت: إنني أقلدها، ومن المستحيل أن أعترف لها بهذا، لقد كذبت أكثر من كذبة للتبرير عن أفعالي، والشيء ليس به تقليد، فكل مرة تجلس مع واحدة من خالاتي أو بنات خالات يتسللني الشعور بالضيق جداً، دائما ما تبدو سعيدة على عكسي تماماً، لقد فقدت نفسي، أشعر أنني ميتة جسد، وبلا روح، شخصية خداعية، وقناع مركب.

أقسم بالله العظيم أنني حاولت جاهدة التوقف ولقد استطعت بشكل جزئي، ولكن لا زال هذا الشعور موجودا بداخلي، عندما نخرج للتسوق أنا وهي وخالتي تظل في الوسط، وتحاول دائما أن تثبت وجودها بكارزماتها الخاصة وأجلس هناك (كالنكرة)، خالتي تلك من أقرب خالاتي إلي ورغم هذا لا أشعر بشخصيتي أمامها عندما ابنة خالتي لا تكون موجودة.

أتمنى منكم الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونحيي ثناءك على الموقع، ونبشِّرُك بأننا في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

بدايةً أنت ستكون لك شخصية والدليل هو فهمك لهذه القضية، وهذه الاستشارة المرتبة الواضحة، وننصحك بدايةً باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وتقوية الصلة بينك وبين الله تبارك وتعالى، ومحاولة اتخاذ صديقات أخريات، وحبذا لو كانوا في سِنّك أي ليسوا أكبر منك، لأن الصداقة ينبغي أن تكون مع الأتراب.

الأمر الثالث: ينبغي أن ترفعي ثقتك في نفسك، واعلمي أن بنت الخالة ونحن وجميع الناس كلُّنا عنده جوانب فيها ضعف، وعنده جوانب ونقاط قوة وتميُّز، فاكتشفي الجوانب التي وهبك الله فيها التميّز، واحمدي الله تبارك وتعالى عليها، حتى تنالي بشكرك لربِّنا المزيد. وأيضًا حاولي أن تُبرزي شخصيتك، وذلك بأن تكوني مع الخالة وحدك، أو تكوني مع أخريات، أو تكتشفي وتطوري ما عندك من المهارات، ولا تُشعريها أنك تُقلّديها، لأن هذا أيضًا لا نريد أن تستمري فيه.

وينبغي أيضًا أن تبحثي – كما قلنا – عن جوانب التميُّز في شخصيتك، وليست المسألة مسألة اعتراض، الإنسان إذا قلَّد في الصواب فلا مانع، أمَّا أن يُقلِّد في كل الأمور التي لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر حتى يفقد شخصيته؛ هذا ما لا نريده لك، وأرجو أن تُوسّعي دائرة العلاقات الأخرى مع الصديقات الأخريات، مع العمَّات، مع الخالات الأخريات، وحتى مع هذه الخالة ينبغي أن يكون لك وقت خاص تمارسي فيه حياتك مع أهلك، ولا تربطي نفسك ببنت الخالة – ابنة الخالة المذكورة – خاصّة كما قلنا لكونها أكبر منك سِنًّا.

أيضًا نحيي محاولات التوقف، وسعدنا جدًّا أنك استطعت أن تُحققي بعض النجاحات بشكل جزئي، فامدحي نفسك، وأظهري الفرح بهذا النجاح، واعلمي أن النجاح الصغير يكبر عندما نستمر ونُصِرُّ على النجاح، بعد أن نتوجّه ونتوكّل على الكريم الفتّاح سبحانه وتعالى.

وإذا كان هناك مجال لأن تخرجي مع الخالة وحدك إلى السوق، أو تجلسي معها وحدك في بعض الأوقات فهذا سيكون من الأمور المهمّة، وأيضًا نحن نُخطئ عندما ننظر لأنفسنا بضعف وننظر للآخرين بقوة، ولستِ كالنكرة، ولكن هي باعتبارها الأكبر سِنًّا ربما تتكلّم، فكوني مع مَن هم في سِنّك، وبعد ذلك ستبرز شخصيتك الصحيحة الكاملة، واعلمي أن ما بينك وبينها وبين الأهل من القرابات أكبر من مثل هذه المواقف.

وبالنسبة للهدية: أنت أحسنت عندما قدمت لها الهدية، لكن الإنسان وهو يُقدّم الهدية ينبغي أن يحتسب الأجر والثواب من ربِّ البريّة، فإن شكروه فبها ونعمتْ، وإذا قالوا (جزاك الله خيرًا) فقد أبلغوا في الثناء، وإن جاؤوا بالهدية فقد أحسنوا وأجادوا، لكن إذا لم يحصل هذا فالإنسان عليه أن يفعل الصواب، وينتظر من ربِّنا الثواب.

نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً