الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تريد العيش بعيداً عن أهلي، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أخي الكريم، أنا متزوج، لدي طفل وطفلة، زوجتي تريد العيش بعيداً عن أهلي وإبعادي عنهم وأنا أرفض، والآن تريد الطلاق وأخذ الأولاد.

علماً أنّ تربيتها ليست على الشريعة الإسلامية فيما يخص اللباس والتبرج، وأغلب مشاكلنا بسبب لباسها وتريد الاختلاط، حيث إنها تريد أن تدرس وأنا أرفض بسبب الاختلاط.

تريد إبعادي عن أهلي وديني وعادتنا، وأنا في حيرة من أمري من أجل الأطفال، هل أطلقها أم هل أصبر عليها وأهجرها عند أهلها وأتزوج عليها؟

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا وأخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على التواصل قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة، وأن يهدي زوجتك، وأن يُهيأ لكم السعادة والاستقرار.

لا يخفى عليك أن الطلاق لا يُفرح سوى عدونا الشيطان، وأن الإنسان ينبغي أن يستنفذ الوسائل الممكنة، واجتهد في هداية هذه الزوجة، واجعل نيتك لله خالصة، واستبشر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا - طبعًا: أو امرأةً - خيرٌ لك من حُمر النعم)، فكيف إذا كانت هذه التي تُريد أن تُقدّم لها الهداية هي والدة أطفالك الصغار، الذين نسأل الله أن يسعدهم ويُنبتهم نباتًا حسنًا.

ليس معنى هذا أنك ستوافق زوجتك على كل ما تُريده، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى، ولكن أرجو أن تُفرّق بين الأمور التي يمكن أن تقبلها ويقبلها الشرع وبين الأمور الأخرى التي لا يرضاها الشرع ولا يمكن أن تقبل بها، وبالتالي أنا لا أؤيد العناد في كل صغيرة وكبيرة، ولكن من المهم أن نقف جميعًا - إذا كانت هناك مخالفة شرعية - ناصحين، ونحرص على أن يكون النصح بلطفٍ، وكن منصفًا، بمعنى أنك تذكر ما فيها من إيجابيات وتتخذ هذه الإيجابيات مدخل إلى قلبها وهدايتها ودعوتها.

على كل حال: أنت صاحب القرار، لكن الشريعة ما أعطت الطلاق هذا الحق للرجل إلَّا لكونه الأعقل والأصبر والذي ينظر لعواقب الأمور ومآلاتها، وبالتالي أرجو أن تبدأ بالنصح، ثم بعد ذلك لا مانع من أن تستخدم وسائل أخرى إذا كانت ستثمر، وإذا كان في أهلك عقلاء فضلاء فيمكن أن يكونوا عونًا لك على إصلاحها وعلى توجيهها التوجيه الصحيح، وعليها أن تعلم أن الشرع الذي يأمرك بالإحسان إليها هو الشرع الذي يأمرك بالإحسان إلى أهلك، خاصة إذا كان هناك والد أو والدة، فالبر بهم من واجبات الشريعة، والشرع لا يرضى أن تميل هنا أو هناك، بل يريد أن تُؤدي الحقوق لأصحابها، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولها التوفيق والسداد والهداية.

إذا كان هناك مجال في تشجيعها للتواصل معنا وكتابة ما عندها، حتى نتعاون جميعًا في الإصلاح والتوجيه، فلا مانع عندنا من أن تتواصل، ويمكن أيضًا أن تكتبوا استشارة مشتركة، بحيث تكتب ما عندها، وأنت تكتب ما عندك، ثم بعد ذلك يأتيكم الرد الواضح الذي يمكن أن تقرأه معك، وفي النهاية تحتكموا إلى النقاط التي يمكن أن تصل إليكم.

ما ذكرته من سلبيات طبعًا لا يمكن أن تُقبل، لكن قطعًا هناك إيجابيات أخرى، قطعًا هناك كلام يمكن أن تقوله، وكلُّ هذا يُعيننا ويُعينك إن شاء الله على الوصول إلى الطريق الصحيح، وفي النهاية أنت صاحب القرار، لكن من المهم أن يكون القرار صحيحًا في أحكامه، تُراعي الآداب، في التوقيت، تنظر في مآلات وعواقب الأمور، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً