الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يتغير حالي عنذ السفر للعمل وأشعر بأعدة أعراض نفسية وجسدية

السؤال

السلام عليكم.

منذ أن تخرجت من الجامعة واشتغلت في مجال غير تخصصي كنت أعمل بعيدا عن الأهل، ولا توجد أي مشكلة، وبعدها رزقني الله بالسفر للخارج، وسافرت -الحمد لله- واستقريت، وبعد سنة ونصف عدت لكي أخطب، وبعد ذلك سافرت مرة أخرى وجلست سنة واحدة، وعدت تزوجت وسافرت بعد ٣ شهور من الزواج، وجلست هناك في العمل لمدة شهر ونصف وحصلت لي مشكلة مع العميل.

كنت لا أريد الجلوس في العمل، وبالفعل رجعت إلى بلدي، ولكن بعد شهرين تم زيارة الدكتور النفسي، وتم إبلاغي بأنني مصاب بالاكتئاب، وأخذت العلاج لفترة، وجلست آخذ العلاج لمدة سنة ونصف، وبعدها أردت أن أستقر في بلدي، وتم إيقاف العلاج، وحاولت أن اسافر مرة أخرى، وسافرت -والحمد لله- مكانا جديدا، ولكني لم أستطع أن أجلس أكثر من ١٥ يوما، وعدت إلى بلدي بسبب الضغوط وأشياء لا أعلم من أين تأتي إلي.

حاليا أنا في بلدي، وعندما أسافر لغير العمل لا توجد أي مشكلة، ولكن عند السفر للعمل تظهر مشكلة مثلا الأرق وعدم النوم، وتهيجات في القولون، وشعور بقبضة في القلب، ورغبة في عدم الاستمرار في العمل، والرجوع لبلدي والجلوس مع الأسرة فأنا متزوجا وأعول.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: الظاهرة التي تعاني منها ظاهرة معروفة، وتُسمّى بعدم القدرة على التكيف، أو عدم القدرة على التواؤم، بعض الناس تجدهم متعلّقين جدًّا ببلدانهم وأهليهم وذويهم، ويصعب عليهم التكيف في أي بلدٍ آخر، حتى وإن كان ذلك البلد الظروف الحياتية وظروف العمل فيه أفضل. هذه الظاهرة معروفة أخي الكريم، فأنت تحدث لك هذه الأعراض النفسوجسدية، (اضطرابات النوم، القلق، التوتر، الشعور بتهيج القولون، والقبضة أو الكتمة في الصدر في منطقة القلب)، هذه كلها نتاج لعدم القدرة على التكيف.

وهذا طبعًا ليس مرضًا، هي مجرد ظاهرة، وفي مثل حالتك الإنسان إذا أراد أن يُسافر لبلد ما يجب أن يعدّ نفسه الإعداد النفسي السليم، خاصة ما دمت ذاهبًا إلى العمل، الإعداد النفسي يتطلب أن تعرف الإيجابيات والسلبيات لوجودك في ذاك البلد، هذا مهمٌّ جدًّا. ويكون توقعك أنك في الفترة الأولى - شهرٍ إلى شهرين مثلاً - قد تُقابلك بعض الصعوبات، ولكنَّ هذه يمكن تجاوزها.

وبعد ذلك تحاول أن تجيد في عملك، وأن تعرف أن العمل خارج بلدك يختلف عن العمل في بلدك، شعوبٌ مختلفة، جنسيات مختلفة، لغات مختلفة ... وهكذا، لكنَّ الإنسان يتكيّف بسرعة. واستشعار المنافع من وجودك في العمل خارج بلدك سوف يُحفّزك للاستقرار، وهذا لا شك فيه.

فالأمر في غاية البساطة، ولا نعتبرها علّة مرضية، إنما هي ظاهرة - كما ذكرتُ لك - . طبعًا من الواضح أيضًا أن شخصيتك شخصية عطوفة، وقد تكون حسّاسة، وقد تكون لديك أيضًا النواة القلقية زائدة بعض الشيء، فيجب أن تتعلَّم التعبير عن الذات، وألَّا تكتم، ألَّا تحتقن داخليًّا، التفريغ النفسي يُساعد كثيرًا في تطوير الصحة النفسية. ممارسة الرياضة أيضًا مهمّة جدًّا لعلاج الأعراض النفسوجسدية، ولتوجّه القلق التوجه السليم والصحيح.

طبعًا تنظيم النوم دائمًا يكون من خلال تجنّب السهر، وتجنّب النوم بالنهار، والحرص على النوم مبكّرًا، وممارسة الرياضة، والحرص على الأذكار، وعدم تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساءً ... هذه كلها تُساعد كثيرًا.

في بعض الأحيان نصف بعض الأدوية البسيطة، إذا كانت الأعراض شديدة، إذا سافرت مثلاً مرة أخرى، هنا يمكن أن تأخذ معك دواء يُسمى (دوجماتيل Dogmatil) واسمه العلمي (سولبيريد Sulpiride) دواء جيد جدًّا، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين مثلاً، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة أسبوعين أيضًا، سوف يكون كافيًا جدًّا لإجهاض أي أعراض نفسوجسدية، لكن المهم في الأمر هو أن تتعلّم كيف تتكيف على المحيط الغير مألوف، وذلك من خلال التحضير النفسي والذهني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً