الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما أختار، الانفصال أم التراجع عنه؟

السؤال

السلام عليكم.

قبل الاستشارة سأوجز أمور مهمة: أنا شخص أميل للعزلة ولا أجيد نقل مشاعري، وحصل تدهور كبير في حياتي الوظيفية بعد أن كنت متفوقا، مصاب حاليا باكتئاب حاد، تزوجت منذ أكثر من 10 سنوات، تزوجت زواجا تقليديا بفتاة من نفس الجامعة ونفس العمر، 10 سنوات معظمها إن لم يكن كلها في شقاق وخلاف دائمين لأتفه الأمور.

تحليلي الشخصي بحيادية هو تضاد الشخصيات ووجود بعض القصور النفسي للطرفين واختلاف الواقع عن تصور ونظرة كل طرف للزواج وما كان يحلم به، أنا عندي عصبية وتحول مزاجي كبير وتعامل متراخي مع الأمور وقصور في التخطيط، وهي عندها مثالية عالية وعناد وحدة في التعامل وعدم الانصياع، نفشل في الاتفاق في أصغر الأمور.

قضينا معظم السنوات في خناقات أنهكتنا، ومعظم الوقت كنا نفترق وكانت دوما العودة من طرفي أنا بالاعتذار والاعتراف بأخطائي، هي تعتقد دوما أن مشاكلنا هي السبب فيما وصلت له -هذا صحيح بقدر ما ولكنه ليس الوحيد-، منذ سنتين ونصف اتفقنا على الطلاق، وأنا لم أتراجع مثل كل مرة، لم يحدث الطلاق، بعض الأسباب تدفعني للتراجع: ابنتنا في المقام الأول، الزوجة أخشي عليها من الحياة خصوصا في زماننا هذا، لن أكون مثاليا فأنا أكيد لي مطالب جسدية لن أحصل عليها إلا مع الزواج، ولا أتخيل أني قادر على الزواج مجددا، أشعر بتأنيب ضمير دوما، الأسباب تمنعني، لم أعد أحمل لها أي مشاعر، سنوات الخلافات أتعبتنا نفسيا وعصبيا، وأصبحنا حطام أشخاص، عيوبها ومشاكلها وعدم هدوء البيت لا تتحملها حالتي النفسية، انصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك السلامة والعافية، وأن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب، وننصحكم باللجوء إلى علَّام الغيوب، واعلم أن قلوب العباد بين أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفُها، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الخير.

وقد سعدنا جدًّا بتذكُّرك القاسم المشترك - الابنة التي بينكم - ونحب أن نقول: هذه الحياة لا تخلو من المشاكل والأزمات، ولكن ينبغي أن نتطور في إدارتنا لأزماتنا ومشاكلنا، وسعدنا أيضًا لفهمك بأن الحياة الزوجية غالية، والتفريط فيها لن يكون من الأمور السهلة، وحبذا لو شجعت الزوجة حتى تتواصل مع الموقع، حتى يكون التوجيه لها أيضًا.

ونتمنّى أيضًا إذا نجحتم في أن تكتبوا استشارة مشتركة، حتى نستطيع أن نسمع من الطرفين، فإن الإنسان إذا كانت عنده إشكاليات وتفهّم الآخر نمط شخصية شريكه والأشياء التي تُسعده والطريقة التي يتعامل معها؛ يمكن أن يكون الالتقاء في منتصف الطريق، ونوصيكم بزيادة القواسم المشتركة، الأمور التي تحبّها أنت وتحبها هي، الزيادة من هذه القواسم المشتركة من أهم ما يُقرِّبُ بين النفوس.

ونؤكد أن وجود هذه المشاكل ما ينبغي أن يترك انطباعًا سالبًا، فكل الأمور يمكن أن تتغيّر إذا صدقتْ النيّات، وعليه: نوصيكم بكثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى. أيضًا بمحاولة تفادي ما يُثير العصبية، هذا الكلام موجّه للطرفين. تذكُّر مصلحة البقاء سويًّا في هذه الحياة الزوجية، لأن الإنسان لا يعرف قيمة الحياة الزوجية إلَّا فقدها، ونتمنَّى ألَّا تصلوا إلى هذه المرحلة.

أيضًا ننصحك إذا حصلت مشاكل أو مُشدّات: ينبغي أن يكون بعيدًا عن هذه البنت، وبعيدًا عن أعين الناس، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على تفهم أهمية الحياة وتفهم أضرار هذه المشاكل وديمومتها على صحة الطرفين.

ولذلك أنا أريد أن أقول: أنت والزوجة، أنا وزوجتي ، وكل إنسان، نحن لا نخلو من العيوب والنقص يُطاردنا في كيفية إدارة هذه المشكلات، كيف نضع المشكلة في إطارها الزماني وفي إطارها المكاني، كيف نتجنّب اصطحاب الماضي الأليم بمشاكله، كيف نفتح صفحة جديدة، هذه مهارات أرجو أن تفكروا جميعًا في هذا الاتجاه، ونسعد بتواصلكم، ونتمنَّى أن تشجّع الزوجة حتى تكتب ما عندها، لأنها أيضًا بحاجة إلى توجيه، لأن الأمر كما قال أبو الدرداء لزوجه: "إذا غضبتُ فرضّني، وإذا غضبتَ رضيْتُك، وإلَّا لن نصطحب".

نسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، وأيضًا نحن نُؤيّد فكرة ترك مسألة الانفصال أو عدم التفكير في الطلاق، لأن هذا هو الأصل، أن تبقى الحياة، والإنسان ينبغي أن يتكيّف ويتأقلم ويتعايش مع الوضع، وعليكم أن تستحضروا قول عمر رضي الله عنه: (ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام) وفي رواية أخرى أن امرأة سألها زوجها: هل تبغضه ؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فلتكذب إحداهن ولتتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام).

لذلك على كل طرف يحاول جاهدًا في تحسين الأوضاع، وأن يتعايش كل طرف على السكينة والمودة، وإن يكن فعلى الرحمة، كما وصف الله تعالى الزواج بالسكينة والمودة والرحمة، فقال تعالى: {ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً