الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من لمم الذنوب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا بحمد الله حافظ للقرآن، ويقال أني ملتزم، أسأل الله الثبات، ولكني عندي مشكلة صغيرة أني في بعض الأحيان أنهزم أمام شهوتي وأندم بعدها ندماً شديداً ولكني أرجع بعد مدة من الزمن، فما الحل؟ وأيضاً هل هذه الذنوب تقلل من قيمتي عند الله؟ بالأخص أنه يراني بعض الناس من الصالحين! وهل يمكن أن أكون ذا شأن في المستقبل وأنا على ما أنا عليه من التقصير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك يا سامح بين أهلك وإخوانك في (إسلام ويب) ونسأل الله أن يزيدك إيمانا ويقينا وتواضعا وإخلاصا وصدقا، وأن يستعملنا وإياك في طاعته، وأن يجعلنا من أهل الإخلاص والثبات على الحق حتى نلقاه، آمين .. آمين.

ولدنا الحبيب: الحمد لله أن منّ عليك بالالتزام، ونسأل الله أن توفق لتكون من العشرة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأنت تعلم أن منهم: شاب نشأ على عبادة الله -عز وجل-، ولعل أولى هذه البشاير ختمك لكتاب الله تعالى، ولا يوفق لها في مثل هذا العمر كل الناس، وكذلك من البشاير إصرارك على عدم الرضوخ للمعاصي، والتوبة والندم فور الوقوع فيها، وهذا دليل خير فيك، نسأل الله أن يوفقك وأن يجعلك من خلص الأولياء إنه جواد كريم.

أخي سامح: إن خوفك من المعصية، وقلقك من الوقوع فيها، وندم بعد الوقوع فيها هو منهج الصالحين، نسأل الله أن تكون منهم:

والدليل على ذلك موجود في صدرك: قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: 37].

وقال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [النجم: 31، 32].

قال الطبري -رحمه الله- في تفسير الآية: "﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: 32] ما دون كبائر الإثم، ودون الفواحش الموجِبة للحدود في الدنيا والعذاب في الآخرة؛ فإن ذلك معفوٌّ لهم عنه، فوعَد جل ثناؤه باجتناب الكبائر العفوَ عما دونها من السيئات، وهو اللَّمَم"

وقال القرطبي -رحمه الله-: "قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾ [النجم: 32]، هذا نعتٌ للمحسنين؛ أي: هم لا يرتكبون كبائر الإثم...، ثم استثنى استثناءً منقطعًا، فقال:﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: 32]، وهي الصغائر التي لا يسلَمُ مِن الوقوع فيها إلا مَن عصَمَه الله وحفِظَه".

فإذا وقعوا في المعصية بادروا بالتوبة والاستغفار، وهذا ما يميِّز أهل الصلاح عن أهل الزيغ والضلال:

قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]، فذكر الله أن مِن صفات المتَّقين أنهم قد يقَعوا في الذنوب، لكنهم يبادرون بالتوبة والاستغفار.

وعليه -أخي الحبيب- فلا تقلق ما دمت حريصا على الطاعة بعيدا عن المعصية، غير قاصد لها، فإذا وقعت وزلت قدمك بادرت بالتوبة والرجوع، ونحن يا سامح نريد أن نوصيك وصايا نرجو أن تنتفع بها:

1- احرص على مصاحبة الصالحين وقضاء أكثر الأوقات معهم.
2- احرص على البعد عن الأسباب التي تدفعك للمعصية، فلكل معصية أسباب تدفع لها.
3- اجعل لك وردا ثابتا في كتاب الله، ومن النوافل، ومن قيام الليل، فهذا مما يثبتك على الطريق.
4- إذا أحدثت ذنبا فأحدث طاعة بحيث تكون رادعة لك عن الوقوع فيه مرة أخرى، البعض يصوم، والبعض يتصدق، والبعض يقوم أكثر الليل، وهكذا تغلق على الشيطان أبوابه.
5- ابتعد عن أوقات الفراغ؛ لأن الفراغ بريد الشيطان ورسوله.

وأخيرا: عليك بالدعاء فإن فيه جماع كل خير، وغدا سيكون لك شأن كبير يا سامح -إن شاء الله-، فلا تبخل علينا يا بني بالدعاء، وفقك الله ورعاك وثبت حجتك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً