الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع أبينا الذي اختار طريق الحرام؟

السؤال

السلام عليكم.

سؤالي بخصوص معاملة الأب، قطع التواصل أو تخفيف التواصل.

أبي اختار القيام بصفقة غير صالحة قانونيا ودينيا وأخلاقيًا، مع العلم أننا تحدثنا معه بالحسنى، وقلنا نرفض هذا الشيء، لكنه أصر، وتركنا، وهو يسكن بالبيت القديم بنفس البلد، وأجبرنا على العيش ببيت آخر، أم وثلاثة أبناء، أعمارنا 26، 27، 30 سنة نتحمل كل ما يتعلق بالإيجار وغيرها، أحيانا يأتي كي يأخذ أغراضا شخصية.

هو يقول أننا لا نسأل عنه، وأننا لسنا أبناء صالحين، علما أنه اختار شيئا محرما، وحياة غير سليمة، فهل نحن على صواب؟ هل علينا التواصل معه بالرغم أننا لا نوافق على طريقة حياته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ايات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على بر الأب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الخير، وأن يهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

أرجو أن تعلموا جميعًا أن وقوع الوالد في مخالفة - أو في فعل أمرٍ لا يُعجبكم - لا يُبرِّر لكم التقصير في حقه وفي بِرِّه وفي الإحسان إليه، واعلموا أن من أهمّ أبواب البر أيضًا النصح له بلطف، ولن تستطيعوا أن تنصحوه أو يستمع إليكم دون أن تتواصلوا معه، تسألوا عنه، وتتابعوا أخباره، وتُوفّروا له ما يحتاجه من أشياء أساسية في حياته.

ولذلك ننصحكم بالقُرب من الوالد وإن ابتعد، وبالتواصل مع الوالد وإنْ قطع، بالإحسان إلى الوالد وإنْ أساء، لأن البِرّ عبادة بينكم وبين الله تبارك وتعالى، بل جعلها العظيم بعد توحيده وطاعته مباشرة، ولو فرضنا أن الإنسان له والد لا يُؤمن بالله، وهذا الوالد يأمر ولده بأن يترك الصلاة، بل يأمره بأن يُشرك بالله، فإن الله يقول: {فلا تُطعهما} ثم قال بعد ذلك: {وصاحبهما في الدُّنيا معروفًا}.

فحقُّ الوالد في حُسن الصحبة بالمعروف لا يتوقّف أبدًا، وهذا سبيل لتصحيح الخلل الذي حدث، نحن لا نعرف ما هي الحياة التي اختارها، لكن مهما كان حصل منه من تقصير فينبغي أن لا تُقصّروا أنتم في التواصل معه والسؤال عنه والإحسان إليه، ولا شك أنه إذا أمر بمعصية فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

أمَّا ما يفعله في حقّ نفسه فدورنا النصح، وتكرار النُّصح، والدعاء له، ومحاولة إصلاح ما أفسد، يعني: هذه أمور مطلوبة، لكن هذا لا يُبرّر لكم أن تعزلوه أو تبتعدوا منه، لأن ذلك لا يُعينه على التوبة، ولا يُعينه على الرجوع، وأيضًا لا تعتبر منكم مقبولة إذا هاجمتم الوالد لأنه أخطأ أو لأنه فعل أشياء غير صحيحة، بل ينبغي أن يأخذ حقه، ولكن لا تُوافقوه إذا طلب منكم معصية، ولا تُعينوه على أي أمرٍ فيه معصية لله تبارك وتعالى، أمَّا ما عدا ذلك فالقرآن يقول: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

وعليكم أن تقوموا بما عليكم وإنْ قصّر الوالد، لأننا نلقى الله أفرادًا، سيَسأل الوالد عن تقصيره، ويسألكم أيضًا عن التقصير إن قصّرتم في حقه. كما أرجو أن تُشجّعوا الوالدة على أن تدعوَ له، وتحاولوا أن تقتربوا منه، وتُعينوه على فعل الأشياء الصحيحة، قبل ذلك فعل الأشياء التي تُرضي الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكم وله التوفيق والثبات والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً