الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل التفكير في قتل الأهل يدل على وجود اضطراب نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في الجامعة، أسكن مع عائلتي في بلد غير بلدي، ولدي حالة غريبة دائما ما أفكر في قتل أهلي من الحين للآخر، وأخطط لقتلهم في رأسي، لكنني لم أفعل ذلك.

مع العلم أن أهلي أناس جيدين معي، ونفس كل العوائل التي ممكن أن تحصل فيها نزاعات عائلية، لكنني دائما ما أود قتلهم بدون بسبب، فهل هذا يصنف مرضا نفسيا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

هذا النوع من الأفكار غالبًا ناتجة من وساوس قهرية. الوساوس في مجملها قد تكون وساوس حول الدّين وحول العقيدة، أو قد تكون وساوس حول الأمور الجنسية، أو تكون وساوس عنف، وحالتك تُمثل ما نسميه بالوساوس العُنفية. وبفضلٍ من الله تعالى صاحب الوساوس لا يُنفذ ما يأتيه من فكرٍ وسواسي سخيف ومتسلّط، وفي كثير من الأحيان هذه الأفكار تكون ملحة جدًّا.

أنا أريدك حقيقة أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًّا، والطبيب إن شاء الله تعالى سوف يصف لك أحد الأدوية المضادة للوساوس، هنالك أدوية مفيدة جدًّا، أدوية ممتازة جدًّا، عقار مثل الـ (بروزاك) كعلاج رئيسي، ويُضاف إليه جرعة صغيرة من عقار (رزبريادون) سيكون مفيدًا جدًّا لك، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، المهم هو أن تذهبي وتقابلي الطبيب، أرجو ألَّا تتعايشي مع هذه الأفكار، لأنها أفكار مؤلمة، وفي ذات الوقت أريدك أن تحقري هذه الأفكار وأن تتجاهليها.

هنالك أيضًا تمارين سلوكية مهمّة أريدك أن تُطبقيها، هذه الأفكار أريدك أن تواجهيها من خلال ما نسميه بـ (إيقاف الأفكار) والتمرين الثاني نسميه بتمرين (صرف الانتباه) والتمرين الثالث نسميه بتمرين (التنفير).

اجلسي في مكانٍ هادئ، وخذي نفسًا عميقًا، شهيق عن طريق الأنف ببطئ وقوة، ويجب أن يستغرق سبع إلى ثمان ثوانٍ، بعد ذلك احصري الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، ثم أخرجي الهواء بقوة وبطئ عن طريق الفم، وهذا يجب أن يستغرق سبع إلى ثمان ثوانٍ أيضًا. كرري هذا التمرين، وقولي (بسم الله الرحمن الرحيم)، واستغفري عشر مرات، ثم بعد ذلك استجلبي الفكرة الوسواسية، فكرة إيقاع الأذى بأهلك أو قتلهم أو أيًّا كانت، وابدئي مباشرة في مخاطبة الفكرة بأن تقولي (أقف، أقف، أقف، أنتِ فكرة حقيرة، أنت فكرة سخيفة، أنت تحت قدمي) وتُكرري هذا عدة مرات لمدة دقيقتين على الأقل أو حتى تحسي بالإجهاد. هذا تمرين سلوكي مهمٌّ جدًا.

وبعد ذلك انتقلي مباشرة للتمرين الثاني والذي نسميه بـ (صرف الانتباه). صرف الانتباه يعني أن تأتي بفكرةٍ أكثر نفعًا وسُموًّا وجمالاً وأهميةً من الفكرة الوسواسية. لتطبيق هذا التمرين استجلبي الفكرة الوسواسية وفجأة انتقلي للفكرة النافعة، مثلاً تأمّلي في أي شيء جميل في حياتك، تأمّلي مثلاً في التنفس لديك، كيف يعمل هذا الجهاز التنفسي، سبحان الله، سبحان الخالق العظيم، كيف أن الهواء يدخل من خلال الرئتين إلى الجسد، وكيف أن نسبة الأكسجين هي واحد وعشرين بالمائة (21%) من حجم الهواء، وكيف أن هذا الأكسجين ينتشر في الدم ويؤدي إلى توليد الطاقات .. تأمّلي في هذا، ثم بعد ذلك قومي مثلاً بعدّ التنفس لمدة دقيقتين. هذا تمرين فاعل.

ويمكن أن تستجلبي أي فكرة أخرى، أنا أعطيتك مثالاً فقط.

أمَّا التمرين الثالث فهو التنفير، استجلبي الفكرة الوسواسية وقومي مثلاً بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى توقعي الألم على نفسك، الربط بين إيقاع الألم على النفس والفكرة الوسواسية، ويُكرر هذا التمرين عشرين مرة بمعدل مرتين في اليوم، هذا يُنفّر ويضعف الوسواس ... وهكذا.

إذًا هذه العلاجات باختصار، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً