الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعتبر عاصيا لوالدي أم بارو لهما؟

السؤال

السلام عليكم.

والداي مطلقان، وأمي تزوجت وأنا عمري 5 سنوات، وعشت مع جدتي، وأصبحت بارد المشاعر، فأنا أكره أبي لعدم اهتمامه بي في أوقات الحاجة، ولعدم زيارته لي في حياتي كاملة، رأيته 10 مرات على الأكثر.

كما أنني أصبحت باردا تجاه أمي، ولا أزورها كثيرا بسبب حالتي المادية، مع أنني لا أكرهها، أنا أشعر بالفراغ؛ لعدم حصولي على الحنان من الوالدين، لقد تأثرت كثيرا بهذا الطلاق، وأصبحت عصبيا، كما أنني أخاف أن أدخل إلى جهنم بسبب ذلك، وحاولت التغيير تجاههم ولم أستطع، إلا أنني أدعو وأستغفر، وأصلي على الرسول، وأسبح لهم، هل في هذه الحالة أكون عاصيا أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fathi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

لقد أحسنت - أيها الحبيب - بدعائك لوالديك والاستغفار لهما وإهداء ثواب بعض الأعمال النافلة لهما، وهذا من البر بهما والإحسان إليهما، كما أحسنت أيضًا حين حاولت أن تُغيّر موقفك من الوالدين، وسعيك لتغيير مشاعرك نحوهما، ونحن على ثقة تامة من أن الله سبحانه وتعالى سييسّر لك البر ما دمت حريصًا عليه، فاستعن بالله ولا تعجز.

وممَّا يُعينك على البر للوالدين تغيير موقفك تجاههما، أن تتذكّر إحسانهما إليك، فإنه رغم ما عشته في حياتك من فُرقة وبُعد عن الوالدين وعدم حصولك على القدر الكافي من حنانهما والعيش معهما؛ رغم هذا كلِّه فإن إحسان الوالدين إليك لا يمكن أن تقدر على ردِّه ومكافأته، فهما سببٌ في وجودك في هذه الحياة التي تتأهّل فيها للعيش في النعيم الدائم السرمدي، في جنان الله تعالى.

وهذا التسبب في وجودك هو أعظم الإحسان من الوالدين إليك، كما أنهما قد أحسنا إليك إحسانًا كثيرًا، فأُمُّك حملتك في بطنها وفي أحشائها، وقد وصف الله تعالى حملها ووضعها بما يُليِّن القلب، فقال سبحانه وتعالى: {حملته أُمُّه كُرهًا ووضعته كُرهًا} وقال: {حملته أمُّه وهنًا على وهنٍ} يعني في مشقة شديدة، وهذا الأب قد تحمّل وعان كثيرًا أثناء صغرك ليوفّر لك أسباب العيش.

فوقوفك مع نفسك - أيها الحبيب - وتذكّرك لإحسان الوالدين إليك سيبعث في قلبك المحبة لهما، فإن النفوس مجبولة على حب مَن أحسن إليها، فهذه الطبيعة السوية لدى الإنسان. وتذكّر الإحسان، وأدِم ذلك؛ سيبعث الله تعالى في قلبك المحبة للوالدين والرفق بهما والرحمة لهما، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بأن نتواضع للوالدين رحمةً ورأفةً بهما، فقال: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} فهما بحاجة إلى رحمتك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك للخير، وأن يأخذ بيدك إليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً