الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقبلني الله بعد وقوعي في المعصية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً.

أنا في كل رمضان أنهى نفسي عن الشهوة، -العادة السرية- لإرضاء الله سبحانه وتعالى، أما في شهر رمضان هذا فقد هجمت علي جيوش الشهوة، والنفس طاوعت، فوقعت في فخ الشيطان، وقد ندمت على ما فعلت، ولكن في وقت متأخر.

أنا الآن مكتئب وحزين جداً، لأني عصيت الله، حتى إني لم أعد أُقبل على الطاعات كما كنت أقبل عليها قبل الوقوع في الذنب.

سؤالي هو: هل أنا حُرِمت من قول الله جل جلاله للملائكة: (ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) في كل رمضان أم أنه فقط في نفس اليوم الذي ارتكبت فيه المعصية، علماً بأني ارتكبتها في الليل لا في النهار.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يخلصك من هذه العادة القبيحة، ويكفيك بحلاله عن حرامه.

حزنك -أيها الحبيب- بسبب فعلك للمخالفة أو للمعصية أمارة على وجود الإسلام والإيمان في قلبك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا، فإن علامة الإيمان التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يشعر الإنسان بالفرح والسعادة إذا وفّقه الله تعالى للطاعة، فيفرح بفضل الله تعالى ورحمته، ويحزن ويستاء إذا فعل المعصية، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من سرَّته حسنتُه وساءته سيئته فذلك المؤمن) [الحديث رواه الترمذي وأحمد وغيرهما].

هذا الحزن - أيها الحبيب - أو الاستياء من فعل المعصية لا ينبغي أبدًا أن يكون معطِّلاً عن فعل الخيرات، بل ينبغي أن يكون باعثًا ومُحرِّكًا نحو التوبة والإصلاح وتغيير الحال، وهذا هو الحزن الذي يُريده الله تعالى منك، يريد منك أن تنبعث وتنطلق نحو إصلاح عملك والتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، والله تعالى يدعوك إلى الجنّة، والشيطان يدعوك إلى اليأس، فكلُّ ما يُقرِّبُك إلى الجنّة فالله تعالى يحبُّه منك ويدعوك إليه، فإذا وقعت في المعصية بادر بالتوبة، والله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر، ومن رحمته سبحانه وتعالى أن فتح باب التوبة لكل أنواع العُصاة والمذنبين، فليس هناك ذنب إلَّا والله تعالى يقبل التوبة منه، والقرآن مليء بالآيات التي تكلِّمُنا عن توبة الله تعالى عن المذنبين بأصنافهم، والمشركين بأنواعهم.

اعزم إذًا على إصلاح الحال بينك وبين الله، وسارع إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، والله تعالى سيمحو عنك ذنبك، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

هذه العادة أكثر العلماء يرون أنها مُحرّمة، ولهذا ينبغي لك أن تجاهد نفسك بالابتعاد عنها، وتأخذ بالأسباب التي تُعينك على هذا الابتعاد، ومن تلك الأسباب الإكثار من الصوم والإدمان عليه، ومن الأسباب: الابتعاد عن المثيرات ومُهيّجات الشهوة، سواء كانت مسموعة أو مرئية أو غير ذلك، ومن الأسباب: كثرة الالتقاء والتواصل مع الصالحين وقضاء الأوقات معهم، فإن المسلم إذا ملأ وقته لم يجد الفراغ والبطالة مجالاً للعبث به.

أمَّا ما ذكرت من أنك تتخوف من ألَّا تكون ممَّن قال الله تعالى فيهم: (انظروا إلى عبدي ترك شهوته من أجلي ...إلخ)، فهذا التخوف في غير محلِّه، فإن الله تعالى في الحديث القدسي يقول عن العبد الصائم: (يدعُ طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)، وأنت في أثناء الصوم لم تفعل هذه العادة حتى تكون قد أفسدتَّ الصوم، فأنت -إن شاء الله- مأجور على صومك، وأنت داخل إن شاء الله تعالى في عباد الله تعالى الذين يُثيبُهم الله تعالى على صيامهم، ولكن جاهد نفسك ألَّا تفعل من القبائح والذنوب ما يُذهب حسناتك أو بعضها.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً