الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خريجة هندسة ولم أجد عملاً وكلام الناس يؤلمني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة خريجة كلية الهندسة ليس لدي عمل، لأن في بلدنا التعيين الحكومي يكون للمجموعة الطبية فقط، وأنا أشعر بالقهر، لأن معدلي كان عاليا، وقبلت في كلية الهندسة، ولم أحقق حلم والدتي التي كانت تريد أن أصبح طبيبة، وقالت لي لن أسامحك أبدًا، وبالرغم من محاولتي أن أقبل اختصاصي لكن لم أجد عملا، ولا أشعر أنني أفهم في هذا المجال، لأنني أكره الهندسة.

وعند جلوسي في المنزل بعد الجامعة أصبت بحالة من الاكتئاب، وأصبحت عندما أسمع بعمل أخاف خوفا شديدا، لأنني لا أفهم شيئا بمجالي، وأخاف من الناس حتى عندما أمشي في الشارع، بعض الناس ينظرون إلى نظرات أشعر بأنهم ينتقدون شكلي، أو يسخرون مني، أو عندما يضحكون أشعر بأنهم يضحكون علي، بالرغم من أنني متوسطة الجمال، وليس بشكلي عيب -الحمد لله-، لكن دائما أهلي يلقبوني بصفات ليست موجودة في شكلي، وخصوصا عندما كنت صغيرة، فأصبحت لا أثق بنفسي.

وأيضا أصبحت أشعر بأني أكره جميع الناس، وأتكلم عنهم كلاما سيئا جدا، حتى أمي، وفترة أشعر بأني أحبهم حبا شديدا، وأريد أن أحقق أحلامهم، وأخاف عليهم خوفا شديدا، وأراقب تنفسهم أثناء النوم، وهذه الحالة أصابتني بالتعب الشديد، وأهلي لا يهتمون بنفسيتي، وأمي دائما تفرق بالمعاملة، تريدني دوما أن أذهب إلى أختي المتزوجة أعاونها في شوؤن المنزل والأطفال، بالرغم من أنني لا أريد الذهاب، لكنها تغضب إذا لم أذهب، وأنا أخاف الله، وحتى بالبيت أحيانا أكون متعبة تعاملني بقسوة، وتدعو علي، وتعاملني كأني خادمة، بالرغم من أنني أحبها كثيرا، أرجو أن تفسروا حالتي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لك الطمأنينة وأن يُصلح الأحوال.

أرجو أن تستمري في حب الوالدة والشفقة عليها، والاهتمام بها، وبُشرى لك بالصبر عليها، وإذا لم يصبر الإنسان على الوالدة فعلى مَن يكون الصبر؟! وأيضًا نتمنَّى أن تكوني معاونة لأختك، ليس لأنك خادمة، ولكن لأنها أخت، فالأخت بمنزلة رفيعة، إذا كان في مساعدة الأخت أو الذهاب إليها إرضاء للوالدة فأرجو أن تذهبي وتكوني إلى جوارها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يضع في طريقك مَن يُسعدك.

بالنسبة لكلام الناس: رضاهم غاية لا تُدرك، أرجو ألَّا تهتمّي بكلام الناس، ولا تقفي عند تعليقاتهم، واعلمي أن كل إنسان - رجلاً كان أو امرأة - فيه إيجابيات، وله عيوبٌ يُخفيها، فدائمًا أرجو ألَّا تنظري لنفسك نظرة دونية، فأنت مثل غيرك من الناس، في نعمٍ كثيرةٍ من الله تبارك وتعالى، فتعرّفي على تلك النعم واشكريها، وتعرفي على نقاط القوة واستخدميها، واحمدي الله تبارك وتعالى عليها. تعرّفي على نقاط الضعف ثم حاولي معالجتها والمضي بها إلى الأمام، وكلُّ ذلك ولله الحمد متاح.

واحرصي دائمًا على أن تُعمّري قلبك بالإيمان بالله تبارك وتعالى، والثقة فيه، والإيمان بقضائه وقدره، واعلمي أن الإيمان بالله تبارك وتعالى هو الذي يبعث الثقة في النفس، فثقة الإنسان في نفسه فرعٌ عن ثقته في ربّه القدير الكريم الوهاب الفتاح، له الأسماء الحسنى سبحانه وتعالى.

كما أرجو أن تغتنمي فرصة رمضان بكثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى والتوجُّه إليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير.

وأحب أن أؤكد لك أن الهندسة تخصص جميل، وسيأتي اليوم الذي يحتاجون فيه إلى أمثالك، وعلى كلّ حال: أرجو أن تخوضي غمار الحياة، فالحياة تجارب، والإنسان يستطيع أن يعمل في مجالات كثيرة، يُفيد ويستفيد منها. واحرصي على أن تكوني فاعلة وحاضرة في مجمّعات الخيرات من النساء في المساجد وفي أماكن الخير، واعلمي أن كل امرأة من الموجودات تبحث عن الفاضلات مثلك لولدها، أو لأخيها، أو لابن أخيها، - يعني أي واحد من محارمها - فأرجو أن تُبرزي ما وهبك الله من ميزات بين جمهور النساء، وكوني واثقة في نفسك، وإذا وجدتِّ من يسخر أو يضحك فلا تلتفتي إليه، وتعوذي بالله من شيطانٍ يجلب لك سوء الظن، فربما ضحك من شيءٍ آخر، والشيطان هو الذي يقول: (ضحكوا منكِ أو سخروا منك).

لذلك أرجو ألَّا تنتبهي لمثل هذه الأمور، وامضي بحياتك إلى الأمام، وطوّري ما عندك من المهارات، واجتهدي دائمًا في إعادة الثقة بالنفس، وقلنا: الثقة بالنفس إنما تعود بالإيمان بالله تبارك وتعالى، والاعتراف بفضله، واكتشاف نقاط القوة -كما أشرنا-، وأن يتذكّر الإنسان أن الناس أيضًا لهم عيوب ولهم نقائص، لذلك لا ينبغي أن نُحقّر أنفسنا ونُعظّم الآخرين أو نُضخّمهم.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، وأرجو أن تُكثري من الدعاء، والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، الذي يُجيب المُضطرَّ إذا دعاه، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً