الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من وسواس الطهارة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت قد عصيت ربي، وأرجو المغفرة، فمن الله علي بالهدى، ولكني كنت أتوب وأعود للذنوب مرة أخرى، وفي أثناء هذه الفترة جائني وسواس ريح ووضوء -وبفضل الله- شفاني الله منهما والحمد لله، وبعدها أتاني أمر غريب فكنت كلما أدخل إلى الخلاء أحس بنزول شيء من البول بعد الاستنجاء، فكنت أغسل الملابس الداخلية وأرش عليها الماء، وأغسل ذكري مرة أخرى، ثم أخرج من الخلاء، ثم تعبت مما أفعله.

ذات مرة بعدما استنجيت جففت ونشفت فرجي فرأيت يخرج منه قطرات بول، وبعدها بعدة أيام بدأت بالاستجمار وارتحت ولله الحمد، ولكني كنت أمكث فترة طويلة في الخلاء، وأيضا استنكرت علي أمي ما أفعله وطلبت مني أن أكون طبيعيا مثلهم بالاستنجاء.

الآن أنا أريد أن أكون طبيعيا مثل كل البشر، يعني أريد أن أعود إلى الاستنجاء، فكيف السبيل إلى ذلك؟ وهل ما عندي وسواس أم مرض؟ وكيفية التخلص منه لأكون طبيعيا؟ وكيفية العلاج من هذا الأمر؟

بعدما استعملت الاستجمار كنت أضطر أحيانا إلى الاستنجاء فكنت بعدما أستنجي أقوم بتنشيف العضو وتجفيفه، ما حكم فعلي؟ وكيفية التخلص من كل ما عندي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونوصيك بأن تكون قريبًا من الذي مَنَّ عليك بالمغفرة والهدى. نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

وتعوّذ بالله من شيطانٍ يشوّش علينا، والشيطان همّه أن يُحسن أهل الإيمان، وشُغله أن يقعد في طريق مَن يريدُ الطهارة والصلاة، ويريد أن يصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة، وأرجو أن تعلم أن في طاعتك للوالدة خيرٌ كثير، وهي تأمرُك بأن تكون مثلها ومثل الناس العاديين، وهذا كلام صحيح، فلا تشتغل بهذه الوساوس، واعلم أن إهمال هذه الوساوس وعدم التركيز عليها من أهم أسباب علاجها، ومن أهم أسباب بلوغ العافية بعد توفيق واهب العافية سبحانه وتعالى.

إذًا عليك بعد أن تغتسل في دورة المياه ألَّا تقف طويلاً، تنصرف مباشرةً وتتوضأ وتُصلي، وليس مطالب أن تملأ ثيابك بالماء، ولست مطالب أن تُعيد ذلك، ولست مطالب ... يعني: هذه الأمور لا تُرهق نفسك بها، واعلم أن هذا العدو إذا تماديت فإنه يُعقّد عليك ويُصعّب الأمر عليك، وهمُّه أن يُحزنك وأن يُؤخّرك عن الصلاة، حتى يصل بك إلى كراهية الصلاة والعياذ بالله.

فلذلك نحن نوصيك بما أوصتك به الوالدة، ونبيِّنُ لك أن الحكم الشرعي في مَن ابتُلي بالوسوسة هو أن يتجاهلها، ألَّا يقف عندها طويلاً، أن يمضي في صلاته، ولا يُبالي، ولو فرضنا أن هناك خلل لا يخلُّ بأركان الصلاة أو في أركان الوضوء ومضيتَ في صلاتك فصلاتك صحيحة، لأن الشريعة دائمًا دعوة إلى اليُسر، وربُّنا لا يُكلف نفسًا إلَّا وسعها.

ولذلك أرجو ألَّا تقف طويلاً، واعلم أن الإنسان ينبغي أن يقضي حاجته، ثم يغسل، والصحابة - عليهم من الله الرضوان - وأهل الإسلام في أوروبا الآن في البلاد الغربية ربما لا يجد ما يغسل به، فيكفيه أن يمسح بهذا المنديل الورقي، وكان الصحابة أيضًا يمسحون بالحجارة، وهذا يكفي، أنت الآن تغسل ومع ذلك تحاول أن تزيد وتستجمر و... إلى آخر هذه الأمور. لست مطالب بهذا، والتخلص من هذا أنتَ مَن يملكه، وهذه فتوى شرعية، مَن ابتُلي بالوسوسة عليه أن يُبطلها وأن يتجاهلها، وأن يمضي، وعندها سيتركك الشيطان مباشرةً.

ونسأل الله أن يُعينك على الخير، ونوصيك دائمًا بالبُعد عن الذنوب، فإن لها آثار خطيرة على الإنسان، وإذا وقعت في نقصٍ أو تقصير فأكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، وتجنّب كل ما يُذكّرُك بالمعصية، فممَّا يُعين الإنسان على الثبات على التوبة أن يُغيّر البيئة، وأن يُغيّر الرفقة، وأن يتخلّص من ذكريات المعصية وأرقامها وأماكنها ومواقعها، كلُّ ذلك ممّن يُعين الإنسان على الثبات على التوبة والخير.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك لنتوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً