الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس بضعف في نفسي وأجلد ذاتي كثيرًا، فما العلاج؟

السؤال

مررت لمدة ثلاث سنوات بضعف شديد، وحساسية من أقل الأشياء، وبكاء كثير، وإحساس بالدونية، وعزلة، وأيضاً كنت أصحو من النوم متوترة، وأحس أن الوقت سيمر بسرعة.

أتأكد من الشيء أكثر من مرة، وأؤدي الأعمال وأنا مرهقة من كثرة التفكير، وكنت أشعر بأن العمل الذي أؤديه لا أفعله كما يجب وأن الأفضل لو قام به غيري.

كنت أرى الأمور بسلبية، وبالرغم من حبي لمن حولي، فإني كنت لا أتفاعل معهم، مما يعبر عن حبي، وكنت أشك في نفسي ونيتي، وأجلد ذاتي كثيراً.

علماً بأني كنت اجتماعية، ومعروفة بالطيبة بين من حولي، وكنت من الأوائل، حتى وصلت منذ ثلاثة أشهر لمرحلة صعبة من عدم تركيز، وتفكير كثير، لا ينقطع، وجلد ذات على كل شيء، وصعوبة في الإدراك، وكنت أحس بخنقة شديدة حين أرى الناس من حولي يعيشون حياتهم بسلاسة، وأستغرب الأعمال البسيطة العادية كيف يفعلونها، وحتى التفكير كيف يفكرون!

فقدت الإحساس بنفسي واحتياجاتي، ولم أعد أهتم بنفسي، وكأني في عالم آخر، ولم أعد أحس بالآخرين، ولم أستطع القيام بأي عمل، ولو كان يسيراً، وكنت أرجو الموت بشدة، وأفكر في الانتحار، وفقدت الأمل في الحياة.

مات والدي بتلك الفترة، ولم أحس بشيء، ولم أستطع مساعدته، وبعدها ذهبت لطبيبة نفسية وشخصتني باضطراب وجداني مؤقت، وأتممت علاجي، وتحسنت كثيراً، لكني أحس بضعف في نفسي، واهتزاز في مفاهيمي، وأخاف عندما أفكر في العمل والزواج، وتأتيني أوقات أقلق فيها بدون سبب، وأحس أني ضعيفة جداً، والناس كلهم أقوياء، وهذا يستهلك طاقتي، أخاف الحياة بهذا الضعف، وأتمنى الموت، ومزاجي كئيب من الخوف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أيتها الأخت الفاضلة عبر الشبكة الإسلامية.. ونشكرك على تواصلك معنا بهذا السؤال.

حقيقة وأنا أقرأ ما وصفت من أعراض من اضطراب المزاج، والبكاء، وأنك تصحين متوترة تشعرين بالتعب والإرهاق، ولا تشعرين بما تقومين به من أعمال بأنها جيدة أو كما يجب، مع النظرة السلبية للأمور، والشك في نفسك، وجلدك لذات، ثم مؤخراً ضعف التركيز والإحساس بالخنقة وإهمال النفس وعدم الاهتمام بها، أيضاً صعوبة القيام بالأعمال حتى البسيطة، حتى وصلت إلى تمني الموت والتفكير بالانتحار لا قدر الله.

قبل أن أصل إلى نهاية السؤال قلت في نفسي: واضح أن هناك اضطرابا وجدانيا أو اكتئابا بشكل محدد، فكل ما وصفت من أعراض إنما هي أعراض للاكتئاب النفسي والذي تعانين منه منذ أشهر.

الخبر الجيد: أشكرك على أنك ذهبت إلى الطبيبة النفسية فشخصته باضطراب وجداني، أي الاكتئاب وأنك تحسنت على الدواء الذي وصفته لك، أنا لا شك عندي أنها وصفت لك أحد مضادات الاكتئاب التي تحسنت واستجبت عليه، وهذا أمر طيب ولله الحمد، ولكن واضح طالما أنك ما زلت تعانين أنك لم تخرجي بعد من اضطراب الاكتئاب هذا، فعلاجه قد يأخذ أشهراً، فالذي أنصح به أمران:

الأمر الأول: أن تستمري على العلاج الذي وصفته لك الطبيبة، والذي لم تذكريه لنا وعلى كل، عليك أن تستمري عليه، وغالباً نحن نتحدث عن 6 إلى 9 أشهر من العلاج الفعال، وعلاج الاكتئاب يجب أن لا نوقفه أول ما نحس أو نشعر بالتحسن، وإلا فهناك احتمال كبير بالانتكاسة.

لذلك حتى بعد أن تشعري بعودتك إلى حياتك الطبيعية يجب أن تستمري بالعلاج لعدة أشهر، ويمكن أن تشاوري الطبيبة التي تعالجك في مدة استعمال هذا الدواء.

الأمر الثاني: أن تجتهدي في نمط الحياة والأعمال الأخرى، كالرياضة، والخروج والفسحة، وخاصة أننا في فصل الصيف وهناك فرصة في أن تري جمال الطبيعة، وأن تخرجي لتشعري بالنعم الكثيرة التي هي من حولنا.

أطمئنك أنك ستخرجين من هذا الاكتئاب وستعودين إلى حياتك الطبيعية، من الناحية الوجدانية ومن ناحية التركيز والاهتمام، لتتابعين دراستك في الطب البيطري، وأدعو الله تعالى لك أن تكوني ليس فقط من الناجحات، وإنما من المتفوقات، وأن يكتب لك الصحة والسلامة.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً