الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوسواس القهري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر 18 عاماً، عانيت من وسواس التحقق من الأشياء والطهارة والصلاة، وحين التزمت كنت سعيداً جداً، وبدأت معاناتي مع الوسواس القهري في العقيدة، وأقصد أنه قهري بمعنى قهري، يعني كانت تأتيني تساؤلات وأفكار وشكوك لا منطقية وملحة، لا أستطيع التفكير في أي شيء حتى أرد على هذه الأفكار.

لدرجة أني كنت أذهب فوق البيت لكي لا يراني أحد، وأدور حول نفسي كالمجنون لأناقش الفكرة ولا أتوقف حتى أرد عليها، وأحس بالرد يعني لا يكفي الرد بل لا بد من أن أحس أني اقتنعت به.

الوسواس لم يصبح قهرياً إلا بسبب الضغط النفسي بسبب الثانوية العامة كان عذاباً، كانت أصعب أيام مرت عليّ، كنت لا أستطيع الدراسة ولا أي شيء، وكنت مكتئباً، ولكني ذهبت إلى طبيب، وأعطاني دواءً، وتحسنت الحمد لله، ولكن المشكلة أنه أتاني وسواس آخر، وهو وسواس الخوف من الخروج من الملة، ووسواس سب الذات الإلهية، كنت أتجاهل الوسواس وأحتقره وأستعيذ بالله من الشيطان، وكانت الوساوس تقل، ولكن سمعت أنه هذه الوساوس لا تضر ما دام العبد كارهاً له حزيناً منها، وأنا في أشد أيام حياتي تعباً منها، ولكن بدأت كلما تأتيني وساوس السب وأبقى أعذب نفسي وأحزن وأذنب في نفسي حتى أثبت لنفسي أني أكرهها، وهذا زاد الوساوس وأصبحت لا أستطيع التجاهل ساعدوني أنا في الثانوية العامة السنة المحددة للجامعة، وامتحاناتي بعد 10 أيام، ولكني قررت تأجيل بعض المواد للعام القادم أريد أن أعرف هل الاستعاذه من وسواس السب والتجاهل تكفي أم لا بد من الحزن منها والشعور بالذنب؟

ساعدوني أنا في عذاب، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.. وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، بالفعل الذي تعاني منه هو نوع من الوسواس القهري، ولا تنزعج أيها الفاضل الكريم، فالوساوس كثيراً ما تتغير في محتواها من موضوع إلى آخر.

الوساوس الفكرية من النوع الذي تعاني منه علاجها أسهل بكثير من وساوس الأعمال أو وساوس الطقوس، المطلوب منك بالفعل هو أن تتجاهل هذا الوسواس، أن تحقر هذا الوسواس، وأن تصرف انتباهك عنه بأن تفكر في أشياء أخرى.

الوسواس بالفعل يكون متسلطا على الإنسان ومستحوذ، من الطبيعي أن يرفضه الإنسان، ولا يستأنس به أبداً، وأقول لك لا تحزن أبداً، أنت الحمد لله تعالى شاب مسلم ولديك آمال ولديك طموحات، وهذه الوساوس هي علة مؤقتة، هي ظاهرة، لن تظل معك أبداً -إن شاء الله- طويلاً، المهم هو أن تحقرها، أن لا تهتم بها، وأن تصرف انتباهك عنها تماماً، وقطعاً الاستغفار والاستعاذة من الأمور المطلوبة جداً.

حتى أنظم لك الأمور بصورة أفضل أريدك أن تطبق ثلاثة تمارين سلوكية، وهي:

التمرين الأول: نسميه بإيقاف الأفكار، ات بالفكرة الأولى التي هي أضعف وخاطبها قائلاً أقف أقف أقف، أنت فكرة حقيرة، كرر هذا 50 مرة متتالية.

التمرين الثاني يأتي بعد التمرين الأول، وتطبقه على نفس الفكرة، وهذا نسميه صرف الانتباه، ومن خلال هذا التمرين وأنت تفكر في الوسواس فجأة تنتقل إلى فكرة أخرى تكون أكثر فائدة فكرة أكثر نفعاً، أي فكرة فيها فائدة لك فكر فيها وتمعن فيها، مثلاً فكر في التنفس لديك، كيف أن الأوكسجين يدخل في الرئتين ثم ينتشر في الجسم عن طريق الدم، ويولد لنا الطاقات ثم قم بعد التنفس مرتين وقم بعد التنفس لديك لمدة دقيقتين، تفكر في خلق الله تعالى وهكذا، هذه نوع من صرف الانتباه الإيجابي.

التمرين الثالث: نسميه التنفير، وهو أن تستجلب فعل أو فكرة مخالفة تماماً للوسواس ومنفره منه، ومن أفضل التمارين هي أن تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب كسطح الطاولة مثلاً، وفي إحساسك بالألم تربطه بالفكرة الوسواسية، أكرر هذا التمرين 20 مرة متتالية، علماء السلوك وجدوا أن هذا يضعف الوسواس وينفر منه حتى يزول، طبق هذه التمارين على أفكارك الوسواسية، ويجب أن تكون جالساً في غرفة في مكان هادئ طبق هذه التمارين على الأقل يتطلب 20 دقيقة وتنظم أفكار بأن تضع الفكرة الضعيفة في الأول ثم تنتقل بعد ذلك إلى الفكرة الأقوى ثم الأشد والأشد حتى تنتهي بأقوى الأفكار وكل فكرة تطبق عليها التمارين الثلاثة.

أيضاً تطبيق تمارين الاسترخاء تمارين التنفس المتدرجة سيفيدك كثيراً، يمكن أن تطلع على أحد البرامج التي تتحدث عن تمارين الاسترخاء على اليوتيوب، وتتبع التعليمات والإرشادات الموجودة لهذه التمارين، حاول أن تتجنب السهر، أن تنظم وقتك، اجتهد في دراستك، تأجيل المواد ليس من الضروري ولكن إن شاء الله ما دام أنك رأيت هذا هو الأفضل فطبقه.

سأصف لك دواء ممتاز جداً يسمى فافرين واسمه العلمي فلوفكسمين، أريدك أن تتناوله بجرعة 50 مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين ثم اجعل الجرعة 100 مليجرام ليلاً واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى 50 مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين، ثم 50 مليجراما ليلاً يوما بعد يوم لمدة أسبوعين ثم توقف عن تناول الدواء، هو من الأدوية الفاعلة جداً، والسليمة وغير الإدمانية، كما أن الجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة جداً، ومدة العلاج كذلك قصيرة جداً.

جزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً