الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الشغف بالحياة والدراسة بسبب مشاكل الأسرة.

السؤال

السلام عليكم.

عمري 16 سنة، كيف أعيش حياة طبيعية خالية من المشاكل؟ أنام كثيرا وأتمنى لو أنام للأبد، من بعد أن كنت لا أنام إلا 3 ساعات رغم طول السهر، كل يوم أجد نفس المشاكل بين أمي وأبي، كنت مجتهدة جدا، لدي صديقات، والآن ولا صديقة، كانت درجاتي كاملة، الآن أسعى للنجاح فقط، ليس لدي شغف الدراسة.

حياتي سيئة جدا، أدعو ربي كل يوم أن أموت بطريقة جيدة كالنوم الأبدي، أشعر بحزن دائم، ولا أجد من يسمعني، هل تغيرتُ أم العالم هو الذي تغير؟ هل صديقاتي تركنني أم تركتهن؟ أصبح لديهن صديقات أخريات، قلبي يؤلمني كثيرا عندما أبكي، وكل يوم أزداد مرضا.

ماذا أفعل بشأن دراستي وحياتي؟ هل أنا فاشلة؟ أعلم أن هذا خطأ، ولكني أؤذي نفسي كل يوم، ولا أحد يلاحظ الجروح في يدي، أستغفر الله كل يوم، لا أريد الانتحار، أريد أن تصبح حياتي أفضل، وأعلم أنها لن تصبح كذلك، لم يعد لدي أي شغف، لا أعلم ماذا أريد، فقط أريد أن أموت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حنين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -بنيتي-، ونشكرك على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية.

لا أكتمك سراً أنني حزنت من قراءة رسالتك التي قرأتها أكثر من مرة، لا شك أنك وصلت لدرجة غير قليلة من المعاناة التي وصفتها في سؤالك بشكل مفصل، فقد تحدثت عن اضطراب النوم وتراجع دراستك بعد أن كنت متفوقة، وفقدان الرغبة بالمتابعة والابتعاد عن الصديقات، والرغبة بالابتعاد عن الحياة، والنوم إلى الأبد، الشعور بالحزن والبكاء وشيء من اليأس، شعور بالوحدة وأنه لا أحد يحس بك، وشعورك بالفشل مما اضطرك إلى أن تؤذي نفسك ولا أحد يرى الجراح، وتتمنين الموت وتفكرين بالانتحار، إلا أنك ترفضينه -ولله الحمد- لمعرفتك بأن هذا خطأ ولا يجوز.

ومع ذلك أراك أيضاً مؤمنة بالله وتستغفرين الله تعالى على بعض هذه الأفكار. إن ما تعانين منه -بنيتي- إنما هو ردة فعل لصعوبات حياة متعددة ذكرت بعضها وربما لا تذكرينها كلها، ومما ذكرت المشاكل الدائمة بين الوالدين، وهذا طبعاً يؤثر على الأبناء والبنات تأثيراً شديداً، وخاصة أنك شابة صغيرة في السادسة عشرة من العمر، أنت تريدين لحياتك أن تكون أحسن، من قال لك أن حياتك لن تتحسن، ولن تصبح أفضل، ومن قال لك أن دراستك لا يمكن تحسينها وأنت الذكية كما لاحظت بين أسطر رسالتك، يمكنك أن تجعلي النقطة التي وصلت إليها الآن نقطة تحول في حياتك، ومن الغد إن لم يكن من اليوم يمكنك الخروج من البئر الذي وقعت فيه، أو أوقعتك به الأيام ولو اتخذت خطوات بسيطة يمكنها أن تخرجك مما أنت فيه.

أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، مثل ماذا؟ سأعدد لك بعض الخطوات العملية ولك أن تختاري منها شيئاً فشيئاً، ومنها الوضوء والصلاة، جلسة هادئة تناجين فيها ربك وتطلبين منه أن يعينك. ممارستك لبعض الرياضة ولو بسيطة على أن تكون خارج البيت ولو بالمشي لنصف ساعة أو ساعة، الاتصال بصديقة واحدة ترتاحين لها، أو قريبة لك قريبة من عمرك تفتحين لها صدرك وتحدثينها وتحدثك، أن تغلقي أذنيك عن خلافات والديك، فكل هذه الخطوات أو بعضها سيدخل الشمس مجدداً لحياتك وما هي إلا أسابيع أو شهران تقريباً وتفتح المدارس أبوابها من جديد، لذلك يمكنك أيضاً أن تبدئي بالقراءة ودراسة ما فاتك في الفترة الماضية.

وإذا لم تشعري بتحسن واضح من كل ما سبق، فأريد منك أن تتحدثي مع سيدة في حياتك قريبة أو جارة تعرفينها وتثقين فيها، كنت أريد أن أقول لك أن تراجعي طبيبة عندكم إلا أنه قد لا يتيسر لك هذا، ولكن إن تيسر فهذا أفضل، صدقيني -يا بنيتي- أن فتيات وصلن إلى ما وصلت إليه وخرجنا منه بصدق العزيمة والتوكل على الله، والخطوات البسيطة الصغيرة رويداً رويداً وتعودين نشيطة شغوفة للحياة والدراسة والنجاح والتفوق -بإذن الله سبحانه وتعالى-.

أدعو الله تعالى أن يكون معك ويصبرك، ويعينك لتسيري خطوات ولو بسيطة للخروج مما أنت فيه، وبانتظار أن نسمع أخبارك الطيبة وأخبار التحسن الذي ستصلين إليه -بإذن الله سبحانه وتعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً