الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب ما أشعر به من ضيق وتوتر؟

السؤال

السلام عهليكم.

أنا بعمر 17 سنة، وأعاني من اكتئاب حاد منذ سن الثانية عشرة، اكتئاب أحس أنه سيقتلني، لا أستطيع عمل أي شيء إلا بإرغام نفسي، حتى إني لا أشتهي الطعام إلا أني الآن أفضل من قبل، حيث كنت أجلس طويلاً بدون أن أتحرك، ولا آكل أي شيء.

كذلك تراجع أدائي العقلي، إلا أن مستواي الدراسي لم يتراجع، حيث كنت أرغم نفسي على الدراسة، وكنت أجد في ذلك مشقة كبيرة تنهك قواي.

اكتشفت أيضاً أن عندي حالة حادة من اختلال الآنية، وتبلد بالمشاعر، حيث لا أشعر بجسدي، ولا بالمحيط حولي، كأني شخص أعمى في حلم ضبابي، يرفض أن ينتهي.

أحاول أن أنظر طويلاً للأشياء، لعلي أتعرف عليها لكن بلا فائدة، فكل شيء ضبابي ومشوش، أحس أيضاً بألم (ضيق) شديد في جهة الصدر اليسرى، كأن هناك يداً قابضة على قلبي، ترفض أن تهدأ وتجعله يرتخي.

هذا الشعور المؤلم مستمر في كل لحظة أتنفس فيها، ولمدة خمس سنوات تقريباً إلى الآن، وهو يؤثر على جودة حياتي، ما هو سبب عصرة الصدر المستمرة هذه؟

كما أعاني أيضا من قلق يسمى رهاب مرور الزمن، أو رهاب عقارب الساعة، وقلق دراسي، ومن جهة أخرى هلاوس وأوهام سمعية وبصرية، أنا في السنة الأخيرة من الثانوية، وأريد أن أجعلها مرحلة لتغيير حياتي، فقد عشت سنين صارمة ومؤلمة في المدرسة، فمدرستي كانت ذات نظام قاس، والأساتذة قساة، ولم أجد سبيلاً للترفيه، والآن هي فرصتي لأنتقل لدراسة شيء أحبه، ولمجتمع أكثر لطفاً ورحمة، لكني لا أريد أن يدوم هذا الاكتئاب الحاد، فكيف أتخلص منه للأبد، وأقضي عليه، وأعيش بدونه حياتي التي أحلم بها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rania حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -بنيتي- عبر الشبكة الإسلامية.. ونشكرك على التواصل معنا، وعلى ذكر التفاصيل التي وصفتي فيها الحالة النفسية التي أنت فيها.

من الواضح أن معاناتك شديدة وطويلة مع الاكتئاب النفسي، وخاصة أنك ما زالت في هذا العمر من الشباب، حيث أنت في السابعة عشر من العمر.

معظم الأعراض التي وصفت في سؤالك تشير للاكتئاب النفسي، والذي من الواضح أنه آخذ في التأثير على مجريات وتفاصيل حياتك المختلفة، فقد ذكرت عدم الرغبة بعمل شيء والجلوس دون حراك، مع فقدان الشهية للطعام، وتبلد المشاعر حتى إن الاكتئاب بدأ يؤثر في التراجع المعرفي الذهني في قدراتك الذهنية، مع حس التشوش الذهني والضبابية، حتى ما ذكرت من ضيق وألم وقبضة الصدر أيضاً يمكن أن تحصل في بعض حالات الاكتئاب.

نعم -بنيتي- حفظك الله، يمكنك أن تعتبري الفترة الآن والمرحلة المقبلة من نهاية المرحلة الثانوية ودخول الجامعة يمكنك جعلها نقطة تحول في حياتك، بالاتجاه الإيجابي وإنهاء هذه المعاناة، ولكن لا بد أيضاً من المبادرة الآن بالعلاج، علاج الاكتئاب النفسي لتضمني بعون الله نتائج طيبة في الثالث الثانوي، مما ييسر لك دخول الفرع الجامعي الذي ترغبين به.

لذلك أنصحك بأن لا تتأخري، وأن لا تترددي في أخذ موعد مع عيادة الطبيب النفسي ليقوم بفحص الحالة النفسية، ووضع التشخيص، واستبعاد أمور طبية أخرى، ومن ثم وضعك على الخطة العلاجية، والتي غالباً ستتضمن بالإضافة إلى أمور أخرى ستتضمن العلاج الدوائي، بأحد مضادات الاكتئاب، وقد أصبح علاج الاكتئاب النفسي في الفترة الأخيرة متيسراً بفضل الأدوية الفعالة، ولله الحمد على ذلك.

دواء الاكتئاب كما سيشرح لك الطبيب عليك أن تستمري عليه عدة أشهر، ربما قد تصل إلى سنة، بحيث تستعيدي نشاطك الذهني والبدني، وكامل صحتك النفسية والبدنية، لتتابعي الدراسة وتقبلي على الحياة بهمة ونشاط، ومن ثم تدخلي الجامعة بالفرع الذي ترغبين دراسته.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية، وأن يجعلك ليس فقط من الناجحات بل من المتفوقات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً