الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني عدم الارتياح مؤخراً في العمل، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعمل حالياً، ولكن ينتابني عدم الارتياح مؤخراً في العمل، نتيجة لظلمي وتحميلي أخطاء ليس لي صلة بها مطلقاً.

أنا -الحمد لله- لا أدخر أي مجهود في العمل، كما أني منتظم وملتزم في عملي، وعلاقتي طيبة مع زملائي، لا أتدخل في أعمالهم حتى لا أسبب لهم أي ضيق، لكني مؤخراً أصبحت في كثير من الأحيان لا أعمل، وهذا ليس لي دخل به؛ لأن توزيع العمل ليس بقراري، ولا أستطيع أن أخبر صاحب العمل خشية أن يتضرر أحد، ولكن ينتابني شعور بعدم الارتياح تجاه ذلك.

أصبحت أشعر مؤخراً بالقلق كثيراً، وانقباض الصدر وعدم الارتياح أثناء التواجد في العمل نتيجة عدم تكليفي بأعمال أحياناً رغم طلبي أن أعمل، مع تحميلي أخطاء ليس لي بها صلة، مع التقليل من شأني أمام الآخرين!

أنا أرغب في ترك العمل نتيجة الأذي النفسي ولا أستطع الاستمرار؛ لأن أهم شيء لدي الاحترام والتقدير، ووجود نظام عمل يفيد صاحب العمل، ويفيد العامل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

لا شك أن بيئة العمل الآمنة، وتقدير الموظف من الأمور الأساسية التي تتبعها الشركات الناجحة لزيادة الإنتاج، هذا في المنظور المادي والاقتصادي البحت.

أما إذا أضفنا إليها البعد الإنساني والبعد القيمي الإسلامي، سنجد أن العامل يعمل بحسب الاتفاق بينه وبين رب العمل، ولا يجوز لأحد الطرفين الإخلال بالشروط، والتي يجب أن تكون عادلة في الأساس، فعن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بِالرَّبَذَةِ وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر أعيرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" متفق عليه.

هذا في شأن العبيد في ذلك الزمان، فإذا كانت هذه الحقوق الإنسانية قد كفلها الإسلام للرقيق والعبيد، فلا شك أن هذه الحقوق مكفولة أيضاً للأحرار من باب أولى.

أما بخصوص قرارك ترك العمل، فهذا قرار شخصي يعود إليك، ويعتمد على حساب كشف الأرباح والخسائر نتيجة اتخاذ هذا القرار، ولا شك أن مراعاة الجانب النفسي مهم وينبغي اعتباره وحسابه عند الموازنة في اتخاذ قرار ترك العمل، فإن كنت تعتقد أنك لن تستطيع إكمال مشوارك في مكان عملك الحالي، مع توفر بديل مناسب فلا حرج عليك في تقديم استقالتك والانتقال للعمل الجديد.

وكما ذكرنا يظل هذا قراراً شخصياً متعلقاً بك، وأنت أدرى الناس بظروفك، لكن لا مانع من استشارة من حولك من الزملاء الناصحين الذين يعرفون وضعك وظروفك جيدا، فما خاب من استخار وما ندم من استشار، وندعوك لعمل الاستخارة لعل الله يشرح صدرك لما هو أنفع لك، وتكون بأن يصلي المسلم ركعتين من غير الفريضة ويسلم، ثم يحمد الله ويصلي على نبيه، ثم يدعو بنص الدعاء الذي رواه الإمام البخاري: «اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ -ويسمي الشيء الذي يريده- خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري عَاجِلهِ وآجِلِهِ فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري عَاجِلِهِ وآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ.».

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً