الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت إلى الله من المعاصي، لكن الذكريات تؤلمني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تركت العادة السرية منذ فترة، وتركت العلاقات المحرمة، وتبت إلى الله توبة نصوحة، والآن أمر بفترة صعبة جداً، أقسم بالله أني في بعض الأوقات أفكر في الانتحار، وتجتمع علي ذكريات شخص كنت أحبه، وأصل إلى درجة أن أبكي بحرقة كبيرة، ولا أحد يفهمني.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الحرص والتواصل والسؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُثبّتك على التوبة، وأن يتوب علينا وعليك لنتوب.

سعدنا جدًّا لنجاحك في ترك هذه الممارسة الخاطئة والعلاقات المحرمة، ونسأل الله أن يُعينك على الثبات، واعلم أن الشيطان لا يُرضيه أن نترك المعصية، ولذلك الشيطان همّه أن يحزن الإنسان، همّه أن يُوصل الإنسان للعودة إلى المعصية واليأس من رحمة الله تبارك وتعالى، وأنت في مرحلة في غاية الأهمية، وما يُواجهك من ضيق وذكريات؛ كلُّ ذلك من عدوّنا الشيطان، واعلم أن هذا العدو يحزن إذا تُبنا، يندم إذا استغفرنا، يبكي إذا سجدنا لربِّنا.

وممَّا يُعينك على تجاوز هذه الصعاب وتجاوز هذه المرحلة: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله، وشغل النفس بتلاوة القرآن وذكر الرحمن، وشغل النفس بالدراسة وبالأعمال المفيدة بعد العبادات والطاعات التي شرعها الله تبارك وتعالى للإنسان، وتجنُّب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد، اطرد الأفكار السالبة دائمًا، وخاصة فكرة الانتحار؛ لأنها لا تُرضي سوى عدوّنا الشيطان، وهي ممَّا تُغضب الرحمن، بل المنتحر يخسر الدنيا والآخرة.

أيضًا نُحذّرُك من تواتر الأفكار وجمع الذكريات القديمة، بل ينبغي – وهذا ممَّا يُعينك على الثبات – أن تتخلَّص من كل آثار المعصية: مواقعها، أرقامها، أماكنها، ذكرياتها، أدواتها، كلّ ما يُذكّرُك بتلك العلاقات الآثمة وتلك الممارسات الخاطئة ينبغي أن تتخلص منه؛ لأن وجود هذه الأشياء تجرّ الإنسان إلى الوراء، والتائب الذي قتل مائة نفس وأراد التوبة طُلب منه أن يهجر البيئة ويهجر الرفقة، فقيل له: (انطلق إلى أرض كذا فإن بها أقوامًا يعبدون الله فاعبد الله معهم)، وهذا ما ندعوك إليه، أن تهجر بيئة المعصية ورفاق المعصية وأرقام المعصية ومواقع المعصية وأماكن المعصية وذكريات المعصية، وتحشر نفسك في رفقة جديدة، قال الله لنبيّه: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يُريدون وجهه}.

وأنت في سِنٍّ بلا شك تحتاج إلى الاجتهاد في الدراسة، وقبل ذلك الانهماك في العبادة والخشوع فيها لله والمواظبة على الذكر، ومن أحسن ما يُعينك على تجاوز هذه الصعاب، وأنت -ولله الحمد- في مرحلة مهمّة جدًّا، فأنت تركت هذه الممارسات وهذا دليل على قوة إرادتك، فامض في هذا السبيل، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فنسأل الله أن يعوضك حلاوة ولذَّةً في إيمانك تُعينك على الثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً